(٢) قوله: «فبيضت … » إلى آخره سقط من ب، وهو في ظ: «بيض ليكتب فيه شرح … »، وقال إمام الحرمين في «النهاية» (٥/ ٣١٢): «جمعَ المزني أقاويلَ الشافعيّ في تفريق الصفقة في «الكبير»، ثم طال عليه ذكرُها في «المختصر»، فقالَ لمن كان يُملي عليه: «بيِّض موضعًا نكتب فيه شرحَ أَوْلى قَوْليه في تفريق الصفقةِ»، ثم لم يتفرغ إليه فماتَ -رحمه الله-، وفي بعض النسخ ترك ورقة أو ورقتين على البياض»، وذُكر قريب منه في «البحر» للروياني (٥/ ٣) و «العزيز» للرافعي (٦/ ٧١)، وأُلحق بهامش س مصححًا: «ولم يجيز [كذا] المزني شيئًا، وزعم أن له فيه ثلاثين قولًا، ولم يبين منها شيئًا إلا ما حكاه في المسائل على معنى قوله». وورد في مطبوعة بولاق (٢/ ٢٠١ - ٢٠٢) زيادة طويلة تتضمن فروعًا كثيرة من باب تفريق الصفقة، وذكروا أن الشيخ شمس الدين محمد بن عبدالدائم البرماوي نقلها من نسخة قديمة من «المختصر» وعرضها على السراج البلقيني فأقرها، وأنا لم أوردها في سواد الكتاب؛ لأن الشراح نصوا على أن المزني لم يكتب هذا الباب في «المختصر»، وممن صرح بذلك إمام الحرمين والروياني والرافعي كما أشرت إليه، ولأن نسخة س مقابلة على نسخة البلقيني، ولم ترد فيها هذه الزيادة، بل أشارت إلى عدم ثبوتها في سواد «المختصر»، ولعل مراد البلقيني بإقرارها: إقرار صحة الفروع الواردة فيها، أو إقرار أنها صحيحة عن المزني، وربما كانت هذه الزيادة من «الجامع الكبير». وهذا نص الزيادة: «قال الشافعي -رحمه الله- في كتاب «اختلاف أبي حنيفة وابن أبي ليلى»: وإذا اشترى ثوبين صفقة واحدة، فهلك أحدهما في يده ووجَدَ بالآخر عيبًا، واختلفا في ثمن الثوب، فقال البائع: قيمته عشرة، وقال المشتري: قيمته ثمانية .. فالقول قول البائع من قِبَل أن الثمن كله قد لزم المشتري، فإن أراد رد الثوب بأكثر من الثمن، أو أراد الرجوع بالعيب بأكثر من الثمن .. فلا يعطيه بقوله الزيادة. وقال في «كتاب الصلح»: إنه كالبيع. وقال فيه في موضعين مختلفين: إن صالحه من دار بمائة وبعبد ثمنه مائة، ثم وجد به عيبًا .. أن له الخيار إن شاء رد العبد وأخذ المائة بنصف الصلح ويسترد نصف الدار؛ لأن الصفقة وقعت على شيئين. وقال في «نشوز الرجل على المرأة» وفي «كتاب الشروط»: لو اشترى عبدًا واستحق نصفه إن شاء رد الثمن، وإن شاء أخذ نصفه بنصف الثمن. وقال في «الشفعة»: إن اشترى شِقصًا وعرضًا صفقة واحدة .. أخذت الشفعة بحصتها من الثمن. وقال في «الإملاء على مسائل مالك»: وإذا صرف دينارًا بعشرين درهما، فقبض تسعة عشر درهمًا، ولم يجد درهمًا .. فلا بأس أن يأخذ التسعة عشر بحصتها من الدينار، ويتناقضه البيع بحصة الدرهم، ثم إن شاء اشترى منه بحصة الدينار ما شاء، يتقابضانه قبل التفرق، أو تركه عمدًا متى شاء أخذه. وقال في «كتاب البيوع الجديد الأول»: لو اشترى بمائة دينار مائة صاع تمر، ومائة صاع حنطة، ومائة صاع علس .. جاز، وكل صنف منها بقيمته من المائة. وقال في «الإملاء على مسائل مالك المجموعة»: وإذا جمعت الصفقة برديًّا وعجوة بعشرة، وقيمة البردي خمسة أسداس الثمن، وقيمة العجوة سدس العشرة .. فالبردي بخمسة أسداس الثمن، والعجوة بسدس الثمن. وبهذا المعنى قال في «الإملاء»: لا يجوز ذهب جيد ورديء بذهب وسط، ولا تمر جيد ورديء بتمر وسط؛ لأن لكل واحد من الصنفين حصةً في القيمة، فيكون الذهب بالذهب والتمر بالتمر مجهولًا، وبهذا المعنى قال: لا يجوز أن يسلف مائة دينار في مائة صاع تمر ومائة صاع حنطة؛ لأن ثمن كل واحد منهما مجهول. وقال في «الإملاء على مسائل مالك المجموعة»: إن الصفقة إذا جمعت شيئين مختلفين فكل واحد منهما مبيع بحصته من الثمن. وقال في بعض كتبه: لو ابتاع غنمًا حال عليها الحول فأخذ المصدق الصدقة منها .. فللمشتري الخيار في رد البيع؛ لأنه لم يسلم له كما اشترى كاملًا، أو يأخذ ما بقي بحصته من الثمن. وقال: إن أسلف في رطب فنفد رجع بحصة ما بقي، وإن شاء أخر إلى قابل. وقال في «كتاب الصداق»: ولو أصدق أربع نسوة ألفًا قسمت على مهورهن، قال: ولو أصدقها عبدًا فاستحق نصفه .. كان الخيار لها أن تأخذ نصفه والرجوع بنصف قيمته أو الرد. قال المزني رحمه الله: فأما قيمة ما استحق من العبد فهذا غلط في معناه، وكيف تأخذ قيمة ما لم تملكه قط؟ بل قياس قوله هذا: ترجع بنصف مهر مثلها؛ كما لو استحق كله كان لها مهر مثلها. وقال في «الإملاء على الموطإ»: ولو اشترى جارية أو جاريتين، فأصاب بإحداهما عيبا .. فليس له أن يردها بحصتها من الثمن، وذلك أنها صفقة واحدة، فلا ترد إلا معا؛ كما لا يكون له لو بيع من دار ألف سهم وهو شفيعها أن يأخذ بعض السهمان دون بعض، وإنما منعت أن يرد المعيب بحصته من الثمن أنه وقع غير معلوم القيمة، وإنما يعلم بعد، وأي شيء عقداه برضاهما عليه كذلك كان فاسدا، لا يجوز أن أقول: أشتري منك الجارية بهاتين الجاريتين على أن كل واحدة منهما بقيمتها منها ولو سميت أيتهما أرفع؛ لأن ذلك على أمر غير معلوم. وقال: فإن فاتت إحدى الجاريتين بموت أو بولادة .. لم يكن له رد التي بعيب، ويرجع بقيمة العيب من الجارية، كانت قيمة التي فاتت عشرين، والتي بقيت ثلاثين، وقيمة الجارية التي اشترى بها خمسون .. فصار حصة المعيبة من الجارية ثلاثة أخماسها، وكان العيب ينقصها العشر، فيرجع بعشر الثمن وهو ثلاثة. وقال في كتاب «الإملاء على الموطإ»: ولو صرف الدينار بالدراهم، فوجد منها زائفا .. فهو بالخيار بين أخذه ورده، وينقض الصرف؛ لأنها صفقة واحدة. وقال فيه أيضا في موضع آخر: فإن كان الدرهم زائفا من قبل السكة، أو قبح الفضة .. فلا بأس على المشتري في أن يقبله، فإن رده رد الصرف كله؛ لأنها بيعة واحدة، وإن زاف على أنه نحاس أو تبر غير فضة فلا يكون له أن يقبضه والبيع منتقض. وقال في كتاب «الإملاء على مسائل مالك المجموعة»: ولا يجوز بيع ذهب بذهب، ولا ورق بورق، ولا بشيء من المأكول أو المشروب، إلا مثلا بمثل، فإن تفرقا من مقامهما وبقي قبل أحد منهما شيء فسد. وقال في «كتاب الصلح»: إنه كالبيع، فإن صالحه من دار بمائة وبعبد قيمته مائة، وأصاب بالعبد عيبا فليس له إلا أن ينقض الصلح كله أو يجيزه معا، وقال في هذه المسألة بعينها: ولو استحق العبد انتقض الصلح كله. وقال في «الصداق»: فإذا ذهب بعض البيع لم أرد الباقي. وقال في «كتاب المكاتب»: نصفه عبد ونصفه حر، كان في معنى من باع ما يملك وما لا يملك، وفسدت الكتابة. قال المزني: وهذا كله منع تفريق صفقة، قال المزني: فإذا اختلف قوله في الشيء الواحد تنافيا، وكانا كلا معنى، وكان أولاهما به ما أشبه قوله الذي لم يختلف. قال: وأخبرني بعض أصحابنا عن المزني -رحمه الله- أنه يختار تفريق الصفقة ويراه أولى قولي الشافعي». انتهى نص الزيادة، والباب عظيم الوقع، ومسائله كثيرة التولج في الأصول، وراجع «الروضة» (٣/ ٤٢٢).