للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

ومن أمثلته: أن يقول: «وهذا ظاهر الخبر»، فذكر الشافعي (ف: ٣٢٠٢) قولين في التأني باستتابة المرتد ثلاثًا، أحدهما لا يتأنى به، قال الشافعي: «وهذا ظاهرُ الخَبَرِ»، قال المُزَني: «وأصْلُه الظَّاهِرُ، وهو أقْيَسُ على أصْلِه».

ومن أمثلته: أن يقول عن أحد القولين: «هذا حكم الله»، فاختلف قول الشافعي في نفقة الأمة الحامل في العدة، فقال في موضع: النفقة على الزوج وأن ذلك حكم الله جل ثناؤه، وقال في موضع آخر: النفقة على السيد، قال المُزَني (ف: ٢٧٩٢): «الأوَّلُ أحَقُّ به؛ لأنَّه شَهِدَ أنَّه حُكْمُ اللهِ تبارك اسمه، وحُكْمُ اللهِ أوْلَى ممَّا خالَفَه».

[الصورة الثانية: الترديد بين قول على الجزم وقول معلق بصحة دليل.]

وذلك بأن يطلق قولًا على مقتضى دليل ويعلق آخر على ثبوت دليل آخر أرجح منه أو سقوطه.

فمن الأول (١): تعليق القول على صحة الخبر، وهذا كثير، فقد تبلغه سنة لم تثبت عنده، فيعمل بظاهر القرآن أو مقتضى القياس، ويجعل قوله من بعد موقوفًا على ثبوت السنة، ومن طرائف أمثلته: قال في القديم باستحباب التثويب في أذان الصبح، ثم رجع عنه في الجديد لأن أبا محذورة لم يَحكِه عن النبي -صلى الله عليه وسلم-، فمن أصحابنا من حكى القولين وأفتى بالقديم نظرًا لثبوت الخبر بالتثويب، وهذه طريقة المُزَني في «المختصَر» (ف: ١٥٩)، والمذهب الذي قطع به الأكثرون - استحبابه قولًا واحدًا، ووجهه: ثبوت التثويب من حديث أبي محذورة أيضًا، وقد اعتمد حديثه في الجديد، قال إمام


(١) انظر القسم السادس في «القواطع» للسمعاني (٥/ ٦٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>