المادة الثالثة: اجتهاد المُزَني سواء كان على أصول الشافعي أو على غير أصوله
قد ذكرنا طرق التمييز بين ما هو على أصول الشافعي مما يُعَدُّ من المذهب الشافعي، وبين ما ليس على أصوله الذي يُعْتَبَر من مذهب المُزَني الخاص، فنكتفي هنا بالتنبيه على أنواع اجتهادات المُزَني في الكتاب وموارده.
فالنوع الأول منها: الاستدلال، فقد يَنقُل مسألة ودليلها من نصِّ الشافعي، ثم يبتغي تقرير المسألة بزيادة دليل آخر غير ما ذكره الشافعي إمَّا لكونه أوضح مما ذكره أو أقرب تناولًا، أو لزيادة التقرير، وقد يرى أن دليل الشافعي مدخول فيأتي بما يقوم مقامه.
النوع الثاني: التخريج، حيث يُورِد قولًا منصوصًا للشافعي، ثم يجد أن نصوصه في نظائر المسألة وقواعده تقتضي تخريج قول آخر مخالِف للمنصوص.
النوع الثالث: الترجيح، فقد تكون المسألة ذات قولين أو أكثر، أو قول منصوص ومخرَّج، فيُعْنَى المُزَني بترجيح بعض الأقوال على البعض الآخر بناءً على قواعد الإمام ومُقْتَضَى نصوصه في نظائر المسألة.
النوع الرابع: التعقُّب والاعتراض، ويكون ذلك على صور: منها - مخالفة الشافعي في ترجيحه حيث يصرِّح بالمختار عنده، ويصرِّح المُزَني باختيار غيره، ومنها - ترجيح القديم على الجديد، والمذهبُ الجديدُ، ومنها - اختيار قول له من استنباطه الخاص نظرًا لقوة دليله.
ولم أُعْنَ بإيراد أمثلة هذه الأنواع لكثرتها وقلة فائدة التطويل بذكرها، و «المختصَر» كله مثال على هذه الأنواع.