هذه خلاصة قصة ظهور القديم والجديد، فنجد أنفسنا أمام عدة تساؤلات نذكرها ونحاول أن نُجيب عنها بما قدَّر الله لنا.
[السؤال الأول: ما هي الأسباب التي حملت الشافعي على تغيير رأيه في المذهب الجديد؟]
هذا السؤال حاول الإجابة عنه بعض من عُنِي بالكتابة في ما بات يُسمى بـ «تاريخ التشريع الإسلامي»، وهي في غالبها إجابات استرواحية لا تحظى بالمصداقية من جهة الدليل واستقراء مسائل القديم والجديد في كتب الإمام، ومن أهم تلك الفرضيات ما انتشر على ألسنة الناس من أن اختلاف البيئة بين مصر والعراق هي التي حملت الإمام على تغيير الكثير من آرائه السابقة، وذلك لما فيه من دعم بعض الأفكار الهدامة التي يُعنى بها الحداثيون أو من يمهِّدون لهم دون علم من توصلهم به إلى تطوير الشريعة الإسلامية بما يناسب في ظنهم احتياجات العصر، ولك أن تسأل نفسك: أيّ أثر للبيئة في امتداد وقت المغرب من غروب الشمس إلى غروب الشفق كما قال في القديم وأنه ليس له إلا وقت واحد بعد الغروب كما قال في الجديد؟ وإن عَنَّ لبعضهم الهرطقة بما ليس من فنه فأعود لأسأله عن أثر البيئة في استحباب السورة من القرآن بعد الفاتحة في الركعتين الأخيرتين من الصلاة الرباعية.
فالدعوى فوق كونها مجرد فرضية خالية عن أيّ دليل مثبت، وأريد أن أطرح عدة أسباب أراها حقيقية في تحول الإمام الشافعي وتغيُّر رأيه في الجديد، وهي أسباب ثلاثة:
السبب الأول: تكامل شخصية الإمام الشافعي الاجتهادية، فقد ذكرنا أن الذي حدا بالإمام إلى تأليف الكتاب القديم هو الردّ على محمد بن