أبي حامد مع اختلاف طبقاتهم دليل على عظم قدره وانتشار ذكره وإتقان طريقته وتهذيبه.
[الطريقة الخراسانية]
كان أبو يعقوب إسحاق بن إبراهيم ابن راهويه (ت ٢٣٨ هـ) إمام أهل خراسان، وقد استنسخ كتب الشافعي واستفاد منها، لكنه لم يكن راوية لها ولا ناشرًا لعلم الشافعي، فابن راهويه إمام مجتهد مثله مثل الشافعي.
وأول مَنْ حمل إلى خراسان مذهب الشافعي ونشر ذكره: أبو الحسن أحمد بن سيار بن أيوب المروزي (ت ٢٨٦ هـ)، من تلاميذ أصحاب الشافعي، وأتى بعده أبو محمد عبدان بن محمد بن عيسى المروزي الجُنُوجِرْدي (ت ٢٩٣ هـ)، قال أبو سعد بن السمعاني:«وعبدان هو الذي أظهر مذهب الشافعي بمرو بعد أحمد بن سيار، فإن أحمد بن سيار حمل كتب الشافعي إلى مرو وأعجب بها الناس، فنظر في بعضها عبدان وأراد أن ينسخها، فمنعها أحمد بن سيار عنه، فباع ضيعة له بجُنُوجِرْد، وخرج إلى مصر، وأدرك الربيع وغيره من أصحاب الشافعي ونسخ كتبه، وأدرك من المشايخ والفقهاء ما لم يدرك غيره وحمل عنهم، ورحل إلى الشام والعراق، وكتب عن أهل مصر، ورجع إلى مرو، وكان أحمد بن سيار في الأحياء، فدخل عليه مسلِّمًا ومهنِّئًا بالقدوم، فاعتذر أحمد بن سيار من منع الكتب عنه، فقال عبدان: لا تعتذر؛ فإن لك مِنَّة عليَّ في ذلك؛ وذلك أنك لو دفعت إليَّ الكتب كنت اقتصرت على ذلك، وما كنت أخرج إلى مصر، ولا كنت أدرك أصحاب الشافعي، ففرح بذلك أحمد بن سيار»، وقال أبو بكر بن السمعاني والد أبي سعد:«وهو أول من حمل مختصَر المُزَني إلى مرو».