للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

(٢٧)

[باب صلاة التطوع وقيام شهر رمضان]

(٢٧٠) قال الشافعي: الفرضُ خَمسٌ في اليوم والليلة؛ لقول النبي -صلى الله عليه وسلم- للأعرابي حين قال: هل عليَّ غيرُها؟ قال: «لا إلّا أنْ تَطَوَّعَ».

(٢٧١) قال الشافعي: والتطوُّعُ وجهان: أحدُهما - صلاةُ جماعةٍ مُؤَكَّدَةٌ، لا (١) أُجيزُ تَرْكَها لمن قَدَر عليها، وهي: صلاةُ العيدين، وخسوفِ الشمسِ والقمرِ، والاستسقاءِ، وصلاةُ مُنْفَرِدٍ، وبعضُها أوْكَدُ مِنْ بعضٍ، فأوْكَدُ ذلك الوترُ، ويُشْبِه أن يكونَ صلاةَ التهَجُّدِ، ثُمّ ركعتا الفجر، ولا أرَخِّصُ لمسلمٍ في تَرْكِ واحدةٍ منهما، ولا أُوجِبُهما، ومَن تَرَك واحدةً منهما كان (٢) أسْوَأَ حالًا ممن تَرَك جميعَ النوافل (٣).


(١) كذا في ز س، وفي ظ ب: «ولا».
(٢) كلمة «كان» لا وجود لها في ب س.
(٣) مما ينبغي العناية به هنا معرفة معاني كلمات «الفرض» و «النفل» و «الوتر» و «التهجد»، وقد ذكرها كلها أبو منصور في «الزاهر» (١٨١ - ١٨٢).
فـ «الفرض» أصله: الحز في القدح وغيره، ومنه فرض الصلاة وغيرها، إنما هو شيء لازم للعبد كلزوم الحز للقدح، والفرض أيضًا: القراءة، يقال: فرضت جزئي؛ أي: قرأته، والفرض: التبيين، قال الله عز وجل: (قَدْ فَرَضَ اللَّهُ لَكُمْ تَحِلَّةَ أَيْمَانِكُمْ) [التحريم: ٢]؛ أي: بين الله لكم كفارتها.
و «النفل»: الزيادة على الأصل، والنوافل من الصلواتِ وأعمالِ البر التي ليست بمفروضة، سميت نوافل لأنها زيادة على الأصل، والأصل الفرائض، ألا ترى أنه يقال لولد الولد: «نافلة»؛ لأن الأصل هو الولد الذي لصلبه، وولد ولده زيادة عن الأصل، قال الله تعالى في قصة إبراهيم عليه السلام: {وَوَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ نَافِلَةً) [الأنبياء: ٧٢]، وكذلك أنفال الغنائم إنما هي زيادات على أصل الفرض الجاري لهم.
و «الوتر»: من الأعداد ما ليس بمزدوج، ويقع على الواحد والثلاث والخمس والسبع. والشفعُ: ما كان من الأعداد مزدوجًا، مثل: الاثنين والأربعة والستة. وانظر: «الحلية» (ص: ٨٠).
و «التهجد»: القيام من النوم، يقال: «هجد الرجل يهجد هجودًا»: إذا نام، «فهو هاجد»، و «تهجد»: إذا ألقى الهجود عن عينيه، وهذا كما يقال: «حَرِجَ» و «أَثِمَ»: إذا فعل فعلًا يُلزِمُه الإثمَ، ثم يقال: «تحرَّجَ فلان وتأثَّمَ»: إذا ألقى الحرج والإثم عن نفسه باجتنابه ما يَأْثَمُ به، ولهذا نظائر في كلام العرب.
وأما قول الشافعي في الوتر: «يشبه أن يكون صلاةَ التهجُّد»، فقال إمام الحرمين في «النهاية» (٢/ ٣٤٧): «معناه عند المحققين: أن النبي -صلى الله عليه وسلم- كان مأمورًا بالتهجد، وقيل: كان فرضًا عليه، فقال الشافعي: المعنيّ بالتهجد في قوله تعالى: (وَمِنَ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ) [الإسراء: ٧٩]: صلاةُ الوتر، وهي التي كانت محتومة عليه، لا يتركها في حضر ولا سفر».