للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

(٢٠٦)

باب النهي أن يَخطُب على خِطْبة أخيه

(٢٠٩٢) قال الشافعي: أخْبرَنا مالكٌ، عن نافعٍ، عن ابنِ عُمَرَ، أنّ رسولَ الله -صلى الله عليه وسلم- قال: «لا يَخْطُبْ أحَدُكُمْ على خِطْبَةِ أخِيه»، وقال رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم- لفاطمةَ: «إذا حَلَلْتِ فآذِنِينِي»، قالت: فلمّا حَلَلْتُ أخْبَرْتُه أنّ مُعاوِيَةَ وأبا جَهْمٍ خَطَباني، فقال: «أمّا مُعاوِيَة فصُعْلُوكٌ لا مالَ له، وأمّا أبو جَهْمٍ فلا يَضَعُ عَصاهُ عن عاتِقِه، انْكِحِي أسامَةَ» (١)، فدَلَّتْ خِطْبَتُه على خِطْبَتِهما أنّها خِلافُ الذي نَهَى عنه أن يَخْطُبَ على خِطْبَةِ أخِيه إذا كانتْ قد أذِنَتْ فيه، فكان هذا فسادًا عليه، وفي الفسادِ ما يُشْبِهُ الإضْرارَ، واللهُ أعلم، وفاطمةُ لم تَكُنْ أخْبَرَتْه أنّها أذِنَتْ في أحَدِهما (٢).


(١) «لا يضع عصاه عن عاتقه» معناه: أنه شديد على أهله، خشن الجانب في معاشرتهن، مستقصٍ عليهن في باب الغيرة، ويقال للرجل إذا كان رفيقًا حسن السياسة لما ولي: «إنه لَلَيِّن العصا»، و «العصا» توضع موضع الاجتماع والائتلاف، ومنه قيل للخوارج: «شقوا عصا المسلمين»؛ أي: فَرَّقوا جماعتهم، ويقال للرجل إذا اطمأن وأقام بالمكان: «قد ألقى عصاه». «الزاهر» (ص: ٤١٦).
قال عبدالله: وقد ورد في هامش س مصححًا آخر هذا الباب: «قال المزني: هذا على سَعة لسان العرب، لا يضع عصاه عن عاتقه».
(٢) حاصل فقه الباب: حرمة الخطبة على خطبة الغير بعد صريح الإجابة، وجوازها بعد صريح الرد، وتبقى صورتان: إحداهما - إذا وجد ما يشعر بالإجابة، مثل أن تقول: لا رغبة عنك، فالقديم: حرمة الخطبة، والجديد: جوازها، والثانية - إذا سكتت، فمن الأصحاب من قطع بالجواز، ومنهم من حكى القولين. انظر: «العزيز» (١٣/ ٩٩) و «الروضة» (٧/ ٣١).