ومنها: ذكر الشافعي مذهب القائلين بعدم مشروعية الأوقاف والحبس، وذكر احتجاجهم بحديثِ شُرَيْحٍ أنَّ محَمَّدًا جاء بإطلاقِ الحُبُسِ، فردَّ عليهم وقال (ف: ١٧٣٠)«الحُبُسُ الذي جاء بإطْلاقِه - لو كان حديثُك ثابتًا - كان على ما كانت العربُ تَحْبِسُ مِنْ البَحِيرَةِ والوَصِيلَةِ والحامِ؛ لأنَّها كانت أحْباسَهُم، لا نَعْلَمُ جاهِلِيًّا حَبَّسَ دارًا على وَلَدٍ ولا في سبيلِ الله ولا على مساكينَ».
فهم النصوص الشرعية مقرونة بالواقع الذي عُنِي بها:
ومنها: منهج تفهُّم النصوص الشرعية بِناءً على الواقع الذي عُنِي بها، ومن أمثلة ذلك الفائدتان قبل هذه، وقال الشافعي (ف: ٢٥١١): «وكُلُّ الكفَّاراتِ بمُدِّ النبيِّ -صلى الله عليه وسلم-، لا تَخْتَلِفُ، وفي فَرْضِ الله على رَسُولِه وفي سُنَّةِ نَبِيِّه ما يَدُلُّ على أنَّه بمُدِّه -صلى الله عليه وسلم-، وكيف يَكُونُ بمُدِّ مَنْ لم يُولَدْ في عَهْدِه -عليه السلام-، أو مدٍّ أُحْدِثَ من بعده؟!».
[قانون العلم الصحيح]
ومنها: الإشارة إلى قانون دقيق يميِّز به بين العلم الصحيح وشبهة الدليل الزائف، فأخرج الشافعي حديث عائشة قالت: دخل عليَّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أعرِف السرور في وجهه، فقال:«ألم تَرَيْ أن مجززًا المدلجيّ نظر إلى أسامة وزيد عليهما قطيفة، قد غطَّيا رءوسهما، وبدت أقدامهما، فقال: إن هذه الأقدام بعضها من بعض»، فقال الشافعي (ف: ٣٨٦٩): «فلو لم يَكُنْ في القافَةِ إلَّا هذا انْبَغَى أن يَكُونَ فيه دَلالَةٌ أنَّه عِلْمٌ، ولو لم يَكُنْ عِلْمًا لقالَ له: لا تَقُلْ هذا؛ لأنَّك إنْ أصَبْتَ في شَيْءٍ لم آمَنْ عليك أن تُخْطِئَ في غَيْرِه، وفي خَطَئِكَ قَذْفُ مُحْصَنَةٍ ونَفْيُ نَسَبٍ، وما