(٣٥٠٣) قال الشافعي: ولا يَجُوزُ أكْلُ زَيْتٍ ماتَتْ فيه فأرَةٌ ولا بَيْعُه، ويَسْتَصْبِحُ به، فإن قيل: كيف يَنْتَفِعُ به ولا يَبِيعُه؟ .. قيل: قد يَنْتَفِعُ المضْطَرُّ بالميْتَةِ ولا يَبِيعُها، ويَنْتَفِعُ بالطَّعامِ في دارِ الحَرْبِ ولا يَبِيعُه في تلك الحالِ، وقد نَهَى رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم- عن ثَمَنِ الكَلْبِ، وأباحَ الانْتِفاعَ به في بَعْضِ الأحْوالِ، فغَيْرُ مُسْتَنْكَرٍ أن يَنْتَفِعَ الرَّجُلُ بالزَّيْتِ ولا يَبِيعَه في هذه الحالِ.
(٣٥٠٤) قال: ولا يَحِلُّ مِنْ الميْتَةِ إلّا إهابُها بالدِّباغِ، ويُباعُ.
(٣٥٠٥) ولا يَأكُلُ المضْطَرُّ مِنْ الميْتَةِ إلّا ما يَرُدُّ نَفَسَه فيَخْرُجُ به مِنْ الاضْطِرارِ.
وقال في «كتاب اختلاف أهل المدينة وأبي حنيفة» هذا القَوْلَ، وقال فيه:«وما هو بالبَيِّنِ؛ مِنْ قِبَلِ أنّ الشَّيْءَ حَلالٌ أو حَرامٌ، فإذا كان حَرامًا لم يَحِلَّ منه شَيْءٌ، وإذا كان حَلالًا فقد يَحْتَمِلُ أن لا يَحْرُمَ منه شِبَعٌ ولا غَيْرُه؛ لأنّه مَأذُونٌ فيه».
قال المزني: قَوْلُه الأوَّلُ أشْبَهُ بأصْلِه؛ لأنّه يَقُولُ:«إذا حَرَّمَ اللهُ شَيْئًا فهو مُحَرَّمٌ، إلّا ما أباحَ منه بصِفَةٍ، فإذا زالَت الصِّفَةُ زالَت الإباحَةُ»، قال المزني: ولا خِلافَ أعْلَمُه أن ليس له أن يَأكُلَ مِنْ الميْتَةِ وهو بادِي الشِّبَعِ؛ لأنّه ليْسَ بمُضْطَرٍّ، فإذا كان خائفًا على نَفْسِه فمُضْطَرٌّ، فإذا أكَلَ منها ما يُذْهِبُ الخَوْفَ فقد أمِنَ وارْتَفَعَ الاضْطِرارُ الذي هو عِلَّةُ الإباحَةِ، قال