للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

(٨)

باب غُسْلِ الجَنابةِ (١)

(٥٣) قال الشافعي: يَبْدَأ الجنبُ فيَغْسِلُ يدَيْه ثلاثًا قبل إدخالهما الإناءَ، ثُمّ يَغْسِلُ ما به مِنْ الأذى، ثم يَتَوضّأ وُضوءَه للصلاةِ (٢)، ثُمّ يُدْخِلُ أصابِعَه العَشْرَ في الإناءِ، ثُمّ (٣) يُخَلِّلُ بها أصولَ شَعْرِه، ثُمّ يَحْثِي على رأسِه ثلاثَ حَثَياتٍ، ثُمّ يُفِيضُ الماءَ على جَسَدِه حَتّى يَعُمَّ جميعَ جَسَدِه وشَعْرِه، ويُمِرُّ يدَيْه على ما قَدَر عليه مِنْ جَسَدِه (٤)، ورُوِيَ نحْوُ هذا عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-.


(١) قال ابن فارس في «الحلية» (ص: ٥٧): «اخْتَلَف الناسُ في هذا الاسْم مِنْ أيِّ شيءٍ أُخِذَ؟
فكان الشافعيُّ يذهب إلى أنَّ ذلك مَأخوذٌ من المُخالَطةِ، وقال: «مَعْلومٌ في كلام العربِ أنْ يقولوا للرَّجُلِ إِذا خالَط امرأَتَه: (قد أَجْنَبَ) وإنْ لم يكنْ منه إِنْزالٌ»، وكان يقول: «ذلك موجودٌ في التقاءِ الخِتانَيْنِ وإِنْ لم يكنْ ثَمَّ إنْزالٌ».
وقال قومٌ: الجَنابةُ مأخوذَةٌ مِنْ البُعْدِ؛ لأنَّ الجُنُبَ بَعيدٌ ممَّا كان جائِزًا له فِعْلُه مِنْ الصلاةِ وغيرِ ذلك، قالوا: وتقول العربُ: (رجلٌ جُنُبٌ) إذا كان بَعيدًا، و (أتَيْتُ فلانًا عن جَنابةٍ)؛ أي: عن بُعْدٍ. واحْتَجُّوا بقَوْلِ القائلِ:
فَلَا تَحْرِمَنِّي نائِلًا عن جَنابَةٍ … فإِنِّي امْرُؤٌ وَسْطَ الرِّجالِ غَريبُ
والمعْنَيان كلاهما يَرِجِعان إلى أصْلٍ واحد؛ لأنَّ المُرادَ: إذا خالَط أهْلَه لم يَجُزْ له إتْيانُ الصلاةِ حتى يَغْتَسِلَ. فالمعنى الْأَوَّلُ - وهو المُخالطةُ - بُعْدُه عمَّا كان مُباحًا له».
(٢) واختلف قوله إذا انتهى إلى غسل القدمين، والمشهور: يغسل رجليه ويُتمّمُ الوضوءَ قبل إفاضة الماء على البدن، وقال في «الإملاء»: يؤخّر غَسل قدميه حتى يفرغَ من إفاضة الماء على بدنه، ثم يستأخر ويغسل قدميه، قال الرافعي: «ولا كلام في أن أصل السنة يتأدى بكل واحد من الطريقين، إنما الكلام في الأولى». انظر: «النهاية» (١/ ١٥٢) و «العزيز» (١/ ٥٨٠) و «الروضة» (١/ ٨٩).
(٣) كلمة «ثم» من ظ ز س، وليست في ب، ولعل حذفه أجمل في السياق.
(٤) زاد في س: «وشعره»، وفي ظ: «شعثه»، وكتب عليه حرف (ح) إشارة إلى حذفه، ولا وجود للكلمة في ز ب.