فكان الشافعيُّ يذهب إلى أنَّ ذلك مَأخوذٌ من المُخالَطةِ، وقال: «مَعْلومٌ في كلام العربِ أنْ يقولوا للرَّجُلِ إِذا خالَط امرأَتَه: (قد أَجْنَبَ) وإنْ لم يكنْ منه إِنْزالٌ»، وكان يقول: «ذلك موجودٌ في التقاءِ الخِتانَيْنِ وإِنْ لم يكنْ ثَمَّ إنْزالٌ». وقال قومٌ: الجَنابةُ مأخوذَةٌ مِنْ البُعْدِ؛ لأنَّ الجُنُبَ بَعيدٌ ممَّا كان جائِزًا له فِعْلُه مِنْ الصلاةِ وغيرِ ذلك، قالوا: وتقول العربُ: (رجلٌ جُنُبٌ) إذا كان بَعيدًا، و (أتَيْتُ فلانًا عن جَنابةٍ)؛ أي: عن بُعْدٍ. واحْتَجُّوا بقَوْلِ القائلِ: فَلَا تَحْرِمَنِّي نائِلًا عن جَنابَةٍ … فإِنِّي امْرُؤٌ وَسْطَ الرِّجالِ غَريبُ والمعْنَيان كلاهما يَرِجِعان إلى أصْلٍ واحد؛ لأنَّ المُرادَ: إذا خالَط أهْلَه لم يَجُزْ له إتْيانُ الصلاةِ حتى يَغْتَسِلَ. فالمعنى الْأَوَّلُ - وهو المُخالطةُ - بُعْدُه عمَّا كان مُباحًا له». (٢) واختلف قوله إذا انتهى إلى غسل القدمين، والمشهور: يغسل رجليه ويُتمّمُ الوضوءَ قبل إفاضة الماء على البدن، وقال في «الإملاء»: يؤخّر غَسل قدميه حتى يفرغَ من إفاضة الماء على بدنه، ثم يستأخر ويغسل قدميه، قال الرافعي: «ولا كلام في أن أصل السنة يتأدى بكل واحد من الطريقين، إنما الكلام في الأولى». انظر: «النهاية» (١/ ١٥٢) و «العزيز» (١/ ٥٨٠) و «الروضة» (١/ ٨٩). (٣) كلمة «ثم» من ظ ز س، وليست في ب، ولعل حذفه أجمل في السياق. (٤) زاد في س: «وشعره»، وفي ظ: «شعثه»، وكتب عليه حرف (ح) إشارة إلى حذفه، ولا وجود للكلمة في ز ب.