الردِّ بالعيب، فإنه إنما يكون على الفور، فإذا تراخى امتنع، ويتأوّل حديث الصحيحين في ذلك، وهو قوله -صلى الله عليه وسلم-: «ولا تصروا الغنم، ومن ابتاعها فهو بخير النظرين بعد أن يحلبها، إن رضيها أمسكها، وإن سخطها ردَّها وصاعًا من تمر»، وفي لفظ:«فهو بالخيار ثلاثًا» الحديث، ففي المذهب: يمتنع الردّ بالتراخي، ويُجاب عن الحديث بأنه مؤوَّل، ويعمل بالقياس في الردِّ بالعيب، وفي وجه: يمتد الخيار لقوله: «ثلاثًا»، قال الإمام ابن دَقِيق العِيد:(والصواب اتباع النصِّ لوجهين: أحدهما: تقديم النصِّ على القياس، والثاني: أنه خُولِف القياس في أصل الحكم لأجل النصِّ، فليطَّرد ذلك ويتبع في جميع موارده)، قال عبدالله: هذا الأصل ينبغي تحريره جيدًا؛ ذلك أن الأصحاب اتفقوا في تقرير هذا الأصل عن الشافعي في المخصوص من العام، ثم اختلفوا في جواز القياس على الرخص، ولا شك أن الرخص مخصوصة من العام.
ولا قياس فيما لا يُدرك معناه، ومنه التأقيت، قال المُزَني (ف: ٣٠٣): «إنَّ التأقيتَ لا يُدْرَك إلا بِخَبَرٍ»، وقال (ف: ٢٤٢٠): «التأقِيتُ لا يَجِبُ إلَّا بخَبَرٍ لازِمٍ».
ولا يُقاس الحلال بالحرام، قال الشافعي (ف: ٢٠٧٦): «إنَّ الحرامَ ضِدُّ الحلالِ، فلا يُقاسُ شيءٌ على ضِدِّه».
[القاعدة الرابعة: الأحكام]
وهي ثمرة عملية الاجتهاد على وَفْق الأصول المقرَّرة، وقدْ قرَّر الشافعي قيمًا مهمة تتعلَّق بها.
فمنها: تقرير أن حكم الله هو الخير كله، قال الشافعي (ف: ٣٧٤٧): «كُلُّ أمْرٍ نَدَبَ اللهُ إليه فهو الخَيْرُ الذي لا يَعْتاضُ مِنه مَنْ تَرَكَه».