ومنها: تقرير قُبح تعطيل حكم الله، قال الشافعي (ف: ٢٥٨٣): «ولو قال لها: «يا زانية»، فقالَتْ:«بل أنْتَ زانٍ» .. لاعَنَها، وحُدَّتْ له، وقال بعض الناس: لا حَدَّ ولا لِعانَ، فأبْطَلَ الحُكْمَيْن جميعًا، وكانَتْ حُجَّتُه أن قال: أسْتَقْبِحُ أن ألاعِنَ بَيْنَهما ثُمَّ أحُدَّها، وما قَبَّح منه فأقْبَحُ منه تَعْطِيلُ حُكْمِ الله عليهما».
ومنها: عدم القول في الأحكام بالظنون، قال الشافعي (ف: ٣٨٧٤): «ولا يَجُوزُ الحكْمُ بالظُّنُونِ»، وقد يشكل على بعضهم هذا بناءً على السائر بين الناس من أن الفقه أغلبه ظنون، لكن الشافعي إنما استنكر القول بالظن المجرَّد، وقال بالظنِّ المقرون إلى علم، قال الشافعي (ف: ٣٣٧١): «لا أعرف ما أقول في أرض السواد إلا بظنٍّ مقرون إلى عِلْم»، قال عبدالله: ومن هنا يمكن أن يقال بأن الشافعي أول من قرَّر قطعية أصول الفقه، لا إمام الحرمين كما هو المشهور بين الناس، ويزيد على ذلك أن عبارة الشافعي أدقُّ من عبارة إمام الحرمين، ولذلك اعترض عليه غير واحد.
ومنها: عموم أحكام الله على العباد، الرجال والنساء، الأحرار والعبيد، المؤمنين والكفار، قال الشافعي (ف: ٢٤٣٥): «وحُكْمُ الله على العِبادِ واحِدٌ».
ومنها: اعتبار الأحكام بفاعِلِيها، قال الشافعي (ف: ٢٦٤٧): «إنَّ الأحْكامَ بفاعِلِيها، ألا تَرَى أنَّ الحُرَّ المُحْصَنَ يَزْنِي بالأمَةِ فيُرْجَمُ وتُجْلَدُ الأمَةُ خمسين، والزِّنا مَعْنًى واحدٌ، فاخْتَلَفَ حُكْمُه لاخْتِلافِ حالِ فاعِلِيه»، ويمكن أن يُقال إن الشافعي على هذه القيمة بنى منع الرخص عن العصاة، قال الشافعي (ف: ٣٨٨): «الرخصة لا تكون لعاصٍ».