ذكرت تصريح المُزَني أنه بَنَى كتابه على الاختصار، واشتقاق «الاختصار» من «الخصر»، وهو خلاصة الشيء، واختلفت عبارات أصحابنا في بيان معناه، ومرجعها إلى أصول أربعة:
الأصل الأول - الجمع، ومن هذا سمّي العصا الذي يتوكأ عليها بجميع بدنه:«مخصرة»، وسمّي «الخاصرة»؛ لأنها مجمع البدن من الأعلى ومن الأسفل، فالشافعي له الكثير من الكتب والأمالي، والكثرة والانتشار عائق كبير لمن ابتغى الاستفادة، ذلك أنه ليس كل أحد يتمكَّن من الجمع بين جميع مؤلَّفات الإمام، ثم إذا جمع قد لا يُسعفه الهمة في استقرائها والربط بين شتيت مسائلها، فيأخذ المسألة أخذًا قريبًا دون نظر في قيوده التي ذكرها الشافعي في مختلف مواردها، ويكون ذلك سببًا في نسبة الخطأ والوهم على الشافعي، ولا يتخطَّى هذه العقبات إلا أصحاب الرحلة والهمم العوالي من أفذاذ الأئمة وما أقلهم، فكأن المُزَني رأى أن علم شيخه في طريقه إلى الضياع إن لم يقم بترتيبه في كتاب واحد جامع، وبهذه النظرة