(٣٨٦٨) قال الشافعي: أخبرنا سفيان بن عيينة، عن الزهري، عن عروة، عن عائشة، قالَتْ: دَخَلَ عليَّ رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم- أعْرِفُ السُّرُورَ في وَجْهِه، فقال:«ألَمْ تَرَيْ أنّ مُجَزِّزًا المدْلِجِيَّ نَظَرَ إلى أسامَةَ وزَيْدٍ عليهما قَطِيفَةٌ، قد غَطَّيَا رُؤوسَهُما، وبَدَتْ أقْدامُهُما، فقال: إنّ هَذِه الأقْدامَ بَعْضُها مِنْ بَعْضٍ؟».
(٣٨٦٩) قال الشافعي: فلو لم يَكُنْ في القافَةِ إلّا هذا، انْبَغَى أن يَكُونَ فيه دَلالَةٌ أنّه عِلْمٌ، ولو لم يَكُنْ عِلْمًا لقالَ له: لا تَقُلْ هذا؛ لأنّك إنْ أصَبْتَ في شَيْءٍ لم آمَنْ عليك أن تُخْطِئَ في غَيْرِه، وفي خَطَئِكَ قَذْفُ مُحْصَنَةٍ ونَفْيُ نَسَبٍ، وما أقَرَّه إلّا أنّه رَضِيَه ورَآه عِلْمًا، ولا يُسَرُّ إلّا بالحقِّ -صلى الله عليه وسلم-، ودَعا عُمَرُ قائِفًا في رَجُلَيْن ادَّعَيا وَلَدًا، فقال: لقَدِ اشْتَرَكا فيه، فقال عُمَرُ للغُلامِ: والِ أيَّهما شِئتَ، وشَكَّ أنَسُ بنُ مالكٍ في ابْنٍ له، فدَعا له القافَةَ، قال الشافعي: وأخْبَرَنِي عَدَدٌ مِنْ أهْلِ العِلْمِ مِنْ أهْلِ المدِينَةِ ومَكَّةَ أنّهم أدْرَكُوا الحُكّامَ يُفْتُونَ بقَوْلِ القافَةِ، ولم نَجِد اللهَ جل ثناؤه نَسَبَ أحَدًا قَطُّ إلّا إلى أبٍ واحِدٍ ولا رَسُولُه -صلى الله عليه وسلم-.
(١) جاء في هامش س: «قال شيخ الإسلام: هل القائف كالحاكم فلا يشترط فيه العدد، أو كالشاهد فيشترط، أو كالقاسم والخارص فيطرد الخلاف فيه؟ والصحيح أنه كالحاكم».