ومعنى «يَظّاهَرون» و «يتظاهرون» واحد، أدغمت التاء في الظاء فصُيِّرتا ظاء مشددة، فقيل: «يَظّاهَرون»، وأصل «الظِّهار»: مأخوذ من «الظَّهْر»، وخصوا «الظَّهْر» دون البطن والفخذ والفرج وهي أولى بالتحريم؛ لأن الظهر موضع الركوب، والمرأة مركوبة إذا غُشِيت؛ فكأنه إذا قال: «أنت علي كظهر أمي» أراد: ركوبك للنكاح حرام علي كركوب أمي للنكاح، فأقام الظهر مُقام الركوب؛ لأنه مركوب، وأقام الركوب مُقام النكاح؛ لأن الناكح راكب، وهذا من استعارات العرب في كلامها، وأما قوله: «ثم يعودون لما قالوا» فمعناه: الرجوع إلى ما قالوا من التحريم بالظهار، و «يعودون لما قالوا» و «إلى ما قالوا» واحد، واختلف الناس في العود بماذا يكون؟ فمنهم من قال: إذا جامع فقد عاد لما حرم، وعليه الكفارة، والله تعالى أمر بالتكفير قبل الجماع، فهو ناقض لما تأول، غير مستقيم فيه، إلا أن يكون العود لما قال غير الجماع، وهو ما قال الشافعي من أن الظهار من المظاهر تحريم بالقول باللسان، والعود لما قال إمساك المرأة؛ لأنه رجوع إلى ما حرم بالقول بأن يمسك المرأة ولا يطلقها، وقوله: «فتحرير رقبة» فيه إضمار؛ أي: فعليهم تحرير رقبة، فكان الظهار من طلاق أهل الجاهلية، فأُمِر المسلمون بألا يطلقوا نساءهم بهذا اللفظ، وأبيح لهم تخليتهن باسم الطلاق والفراق والسراح، وأعلموا أن من طلق بلفظ الظهار في الإسلام فهو محرم لها بلا طلاق يقع عليها، فإن أتبع الظهار طلاقًا فقد طلق كما أمره الله ولا شيء عليه، وإن أمسكها ولم يطلقها لزمه لتحريمه إياها الكفارة للإثم الذي ركبه في تحريمه إياها بلفظ الظهار المنهي عنه، وقوله: «من قبل أن يتماسا» كناية عن الجماع. «الزاهر» (ص: ٤٤٣) و «الحلية» (ص: ١٧٧).