للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

(١٢)

باب ما يُفسِدُ الماءَ

(٨٨) قال الشافعي: وإذا وَقَع في الإناءِ نُقْطَةُ خمرٍ، أو بولٍ، أو دمٍ، أو أيِّ نجاسةٍ كانت مما يُدْرِكُها الطَّرْفُ .. فقد فَسَد الماءُ، ولا تُجْزِئ به الطهارةُ (١).

(٨٩) قال: وإنْ تَوَضّأ رجلٌ، ثُمّ جَمَع وَضوءَه في إناءٍ نَظيفٍ، ثُمّ تَوضَّأ به أو غيرُه .. لم يُجْزِه؛ لأنَّه أدَّى به الفَرْضَ مرةً، وليس بنَجِسٍ؛ لأنَّ النبيَّ -صلى الله عليه وسلم- تَوضَّأ، ولا يُشَكُّ أنَّ مِنْ بَلَلِ الوضوءِ ما يُصِيبُ ثيابَه، ولا نَعْلَمُه


(١) وأما النجاسة التي لا يدركها الطرف، هل تؤثر كالنجاسة المدرَكة أم يُعفَى عنها؟ عبارة المختصر تشعر بأنها لا تؤثر، ونقل عن «الأم» و «الإملاء»: أنه لا فرق بينها وبين النجاسة المدركة في الثوب. واختلف الأصحاب فيه على سبعة طرق: أحدها - تقرير النصين في موضعهما، فينجس الثوب دون الماء، والفرق: أن الماء أقوى حكمًا في رفع النجاسة ودفعها، ولا كذلك الثوب، وهي طريقة المتقدمين، وهي الأصح عند الماوردي، وثانيها - جعل المسألتين على قولين بالنقل والتخريج، وهذه طريقة أبي إسحاق المروزي، وثالثها - ترك مفهوم النص في الماء بصريح نصه في الثوب، فينجسان، وهي طريقة أبي العباس بن سريج، ورابعها - ترك صريح نصه في الثوب بمفهوم خطابه في الماء؛ لتعذر الاحتراز وحصول الحرج، فلا ينجسان، وهو اختيار الغزالي وجماعة من المحققين، وهو الصحيح المختار عند النووي، وخامسها - تقرير نص الثوب في محله، وتخريج قول منه خلاف مفهوم خطاب الماء، فينجس الثوب، وفي الماء قولان، والسادس والسابع - عكسه، فينجس الماء، والثوب .. إما لا ينجس، وإما قولان؛ والفرق: أن صون الماء بتغطية رأس الإناء ممكن بخلاف الثياب، وأن الذبابة إذا ارتفعت عن النجاسة جف ما نجس منها بالهواء، فلا يؤثر في الثوب ويؤثر في الماء، فلو كان الثوب رطبًا كان كالماء، وهذه طريقة أبي علي بن أبي هريرة، وصححها أبو الطيب الطبري وإمام الحرمين.
انظر: «الحاوي» (١/ ٢٩٤) و «النهاية» (١/ ٢٣٠) و «العزيز» (١/ ٢٨٨) و «الروضة» (١/ ٢١) و «المجموع» (١/ ١٧٧).