للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

(٣٤٨)

[باب من يلحق بأهل الكتاب]

(٣٣٧٨) قال الشافعي: انْتَوَتْ قَبائلُ مِنْ العَرَبِ قَبْل أن يَبْعَثَ اللهُ عز وجل محمَّدًا -صلى الله عليه وسلم- ويُنَزِّلَ عليه القرآنَ فدانَتْ دِينَ أهْلِ الكِتابِ (١)، فأخَذَ النبيُّ -صلى الله عليه وسلم- الجِزْيَةَ مِنْ أُكَيْدِرِ دُومَةَ، وهو رَجُلٌ يُقالُ: مِنْ غَسَّانَ أو كِنْدَةَ (٢)، ومِن أهلِ ذِمَّةِ اليَمَنِ، وعامَّتُهم عَرَبٌ، ومِن أهْلِ نَجْرانَ، وفيهم عَرَبٌ، فدَلَّ ما وَصَفْتُ أنّ الجِزْيَةَ لَيْسَتْ على الأحْسابِ، وإنّما هي على الأدْيانِ.

(٣٣٧٩) وكان أهْلُ الكِتابِ المشْهُورِ عند العامَّةِ أهْلَ التَّوْراةِ مِنْ اليَهُودِ، والإنْجِيلِ مِنْ النَّصارَى، وكانُوا مِنْ بني إسْرائِيلَ، وأحَطْنا بأنّ الله تبارك وتعالى أنْزَلَ كِتابًا غَيْرَ التَّوْراةِ والإنجيلِ والفُرْقانِ؛ لقوله عز وجل: {أم لم ينبأ بما في صحف موسى * وإبراهيم الذي وفى} [النجم: ٣٦ - ٣٧]، وقال عز وجل: {إنه لفي زبر الأولين} [الشعراء: ١٩٦]، فأخْبَرَ أنّ له كِتابًا سِوَى هذا المشْهُورِ.

(٣٣٨٠) قال: فأمّا قَوْلُ أبي يُوسُفَ: لا تُؤخَذُ الجِزْيَةُ مِنْ العَرَبِ .. فنَحْنُ كُنّا على هذا أحْرَصَ، ولولا أن نَأثَمَ بتَمَنِّي باطِلٍ وَدِدْناه كما قال، وأن لا يَجْرِيَ على عَرِبِيٍّ صَغارٌ، ولكنَّ اللهَ تبارك اسمه أجَلُّ في أعْيُنِنا مِنْ أن نُحِبَّ غَيْرَ ما حَكَمَ به.


(١) معنى «انتوت»؛ أي: انتقلت من باديتها إلى أهل القرى، فدانت بدين أهل القرى من اليهودية والنصرانية، فأخذ النبي -صلى الله عليه وسلم- منهم الجزية وتركهم على دينهم كما ترك أهل التوراة والإنجيل من بني إسرائيل. «الزاهر» (ص: ٥١٨).
(٢) «أُكَيْدِر» بضم الهمزة وفتح الكاف بن عبدالملك، ملك دومة الجندل، صالحه النبي -صلى الله عليه وسلم- على الجزية، ثم نقض الصلح فقتله خالد بن الوليد في عهد أبي بكر الصديق -رضي الله عنه-. انظر: «تهذيب الأسماء» للنووي.