باسمِ القرابةِ أعْطُوا، وأنَّ حديثَ جُبَيْرِ بنِ مُطْعِمٍ أنَّ رسولَ الله -صلى الله عليه وسلم- قَسَمَ سَهْمَ ذِي القُرْبَى بين بني هاشمٍ وبني المطَّلِبِ»، وقال (ف: ١٩٤٦): «والذي أقولُ به وأحْفَظُ عمَّن أرْضَى ممَّن سمعتُ منه ألا يُؤَخَّرَ المالُ إذا اجْتَمَعَ، ولكن يُقْسَمُ»، وقال في مناظرة له مع محمد بن الحسن الشيباني (ف: ٢٨٣٣): «وأنْتَ تأخُذُ العِلْمَ مِنْ بُعْدٍ، ليس لك به مَعْرِفَةُ أصْحابِنا»، وقال الشافعي (ف: ٢٨٧٩) في مسألة القصاص في الجراحات التي أدت إلى الموت: «وقال بعضُ أصْحابِنا: إن لم يَمُتْ مِنْ عَدَدِ الضَّرْبِ قُتِلَ بالسَّيْفِ»، فتوهَّم المُزَني أن ذلك من الشافعي حكاية عن أصحابه لما يخالفهم فيه، فتعقب عليه إمام الحرمين في «النهاية»(١٦/ ١٨٢) فقال: «مذهب الشافعي أنه إذا فُعِلَ به مثل ما فَعَل بالضرب ولم يمت تحزّ رقبتُه، ولم يبقَ لمستحق القصاص بعد ما عاقب بالجهة التي جرت الجناية بها إلا القتلُ على أوحى الوجوه»، قال: «والشافعي قد يعني نفسه بقوله: (ذهب بعض أصحابنا) إشارة إلى مذهبٍ له».
[موقع تقليد المذاهب الأربعة من إنكار الشافعي]
وأخيرًا لا شك أن القارئ الكريم تسائله نفسه عن موقع تقليده لبعض المذاهب الأربعة من التقليد المنهيِّ عنه عند الشافعي، والقول المختصَر فيه أن الموقف منه مثل الموقف من فقه الأمصار، يجوز تقليده إلا فيما عارضه النص الشرعي، والتقليد المعهود عند المتأخرين من أتباع المذاهب الأربعة أو الخمسة لا شك واقع في المحظور إذا كان على وجه التعصب ولَيِّ أعناق الأدلة على موافقة المذهب، لكن تفصيل القول فيه له موضع آخر، والله أعلم.