للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

[الفرقان: ٤٨]»، قالوا: أسند المُزَني القرآن عن الشافعي، والقرآن مقطوع به، يستوي فيه الكل، وقالوا: قدم الدليل على المدلول، وهذا خطأ في الموضوع.

أجاب الماوردي عن الأول: بأن المُزَني - رحمه الله - لم يقصد به إسناد القرآن، وإنما أراد إضافة الاستدلال به إلى الشافعي؛ ليعلم الناظر فيه أن المستدل بالآية هو الشافعي، دون المُزَني، وعن الثاني: بأن الدلائل ضربان: ضرب يكون دليلًا على مسألة، فالأولى تأخيره عن المسألة، وضرب يكون دلالة على أصل الباب، فالأولى تقديمه على الباب (١).

وهذا تأصيل لما عُرف بعد في كتب الفقه الشافعي من التمييز بين الآيات والأحاديث الأصول في الباب وسائر أدلة الأحكام، وهي نكتة دقيقة ينبغي العناية بإظهارها والكتابة فيها في المذاهب كلها.

الوجه الثالث: الوهم والخطأ على الشافعي في نقل كلامه، وجعل البَيْهَقي سببه بعض ضعف في سماع المُزَني عن الشافعي فقال: «بلغني أن البُوَيْطي سُئل عن سماع المُزَني من الشافعي فقال: كان صبيًّا ضعيفًا»، قال البَيْهَقي: «فربما وَجَد في كتابِه مسألةً قد سقط منها بعض شرائطها، وهي في رواية حرملة والربيع صحيحة، فنقلها على ما في كتابه ثم أخذ في الطعن عليه»، قال البَيْهَقي: «وكان من سبيله أن ينظر في كتب أصحابه حتى يتبيَّن له خطؤه في الكتابة أو خطأ من كتب كتابه، فيستغني عن الاعتراض» (٢).

وقد كثُر رمي الأصحاب على المُزَني بأوهامه على الشافعي، وأشرت إلى أرقام ما اطلعت عليه منها في قسم الفهارس، لكن يجب الإقرار بأن


(١) انظر «الحاوي» للماوردي (١/ ٣٥).
(٢) انظر «المناقب» للبَيْهَقي (٢/ ٣٤٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>