ومنها: كتابا أبي بكر الفارسي، أحمد بن الحسين بن سهل، تفقَّه على ابن سريج، ومات في حدود سنة خمسين وثلاثمائة، وله: كتاب الانتقاد على المُزَني، وكتاب الخلاف معه (١).
الصنف الثالث من الجهود التي قامت حول «المختصَر»: شرح الغريب
وهو في الحقيقة شرح غريب لغة الشافعي، لكن أصحابه جعلوا كتاب المُزَني عمدتهم في تتبع الغريب.
وأجلُّ من كتب فيه: أبو منصور الأزهري، محمد بن أحمد بن الأزهر بن طلحة الهروي (ت ٣٧٠ هـ)، صاحب «تهذيب اللغة»، كان إمامًا في اللغة، بصيرًا بالفقه، عارفًا بالمذهب، شديد الانتصار لألفاظ الشافعي، صنَّف كتاب «تفسير حروف المختصَر»، وقال في مقدمته: «أما بعد: فإني لما كثر تصفحي لجوامع آيات التنزيل وما أودعها الله تعالى من البيان الذي لا يستغني عنه عباده، ثم ما درسته من سنن المصطفى -صلى الله عليه وسلم- المبينة جمل تلك الجوامع، ومن آثار صحابته -رضي الله عنهم- وأخبار التابعين لهم بإحسان ما ازددت به بصيرة فيما علمناه من الكتاب .. عطفت على النظر في المؤلفات التي صنَّفها فقهاء أمصار المسلمين من الحجازيين والعراقيين وغيرهم، من الأئمة المتقِنين، وذوي البصائر المميزين، فدرستها، وأخذت حظي من فوائدها، وألفيت أبا عبدالله محمد بن إدريس الشافعي أنار الله برهانه ولقاه رضوانه أثقبهم بصيرة، وأبرعهم بيانًا، وأغزرهم علمًا، وأفصحهم لسًانا، وأجزلهم ألفاظًا، وأوسعهم خاطرًا، فسمعت مبسوط كتبه وأمهات أصوله من بعض مشايخنا، وأقبلت على دراستها دهرًا، واستعنت بما استكثرته من علم اللغة
(١) انظر ترجمته في «الطبقات» لابن السُّبْكي (٢/ ١٨٤) وابن قاضي شهبة، و «المهمات» (١/ ٢٨١).