على تفهمها، إذ كانت ألفاظه رحمه الله عربية محضة، ومن عجمة المولدين مصونة، وقدرت تفسير ما استغرب منها، فعلمت أني إن استقصيت تخريجها كثر حتى يملَّ قارئه، فأعملت رأيي في تفسير ما استغرب منها في الجامع الذي اختصره أبو إبراهيم إسماعيل بن يحيى رحمه الله من جميعها، وزادني رغبة فيما أردته حرص طائفة من المتفقِّهة على استفادتها، غير أني لم أقصد بالذي تحرَّيته المبتدئ الريض، دون المرتاض الذي خرجت جوارحه، وأعانه ذكاؤه على معارضة المناظرين، ومحاورة المميزين، بل جعلت لكل منهم فيما كشفته وبيَّنته حظًّا وافيًا، وبيانًا شافيًا، والله المعين، ولا حول ولا قوة إلا بالله، عليه أتوكَّل وإليه أنيب» (١).
وممن كتب في غريب «المختصَر»: أبو سليمان الخطابي، حمد بن محمد بن إبراهيم بن خطاب البستي (ت ٣٨٨ هـ)، أخذ الفقه عن أبي بكر القفال الشاشي وأبي علي بن أبي هريرة، ونقل ابن السُّبْكي عنه أنه قال في كتابه «تفسير اللغة التي في مختصَر المُزَني» في «باب الشفعة»: «بلغني عن إبراهيم بن السَّرِيّ الزجاج النحوي أنه كان يذهب إلى أن الصاد تُبدل سينًا مع الحروف كلها لقرب مخرجهما، فحضر يومًا عند علي بن عيسى فتذاكرا هذه المسألة واختلفا فيها، وثبت الزجاج على مقالته، فلم يأتِ على ذلك إلا قليل من المدة فاحتاج الزجاج إلى كتاب إلى بعض العمال في العناية، فجاء إلى علي بن عيسى الوزير ينتجز الكتاب، فلما كتب علي بن عيسى صدر الكتاب، وانتهى إلى ذكره كتب: وإبراهيم بن السَّرِيِّ من أخسِّ إخواني، فقال الرجل: أيها الوزير، الله الله في أمري، فقال له علي بن
(١) انظر «الزاهر» (٩٣)، وانظر في تحقيق اسم الكتاب مقدمة المحقق (٥٧)، وانظر ترجمته في «الطبقات» لابن السُّبْكي (٣/ ١٩٣).