للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

(٣٩٤)

[باب علم الحاكم بحال من قضى بشهادته]

(٣٨٢٩) قال الشافعي: وإذا عَلِمَ القاضِي أنّه قَضَى بشَهادَةِ عَبْدَيْن، أو مُشْرِكَيْن، أو غَيْرِ عَدْلَيْن مِنْ جَرْحٍ بَيِّنٍ، أو أحَدِهما .. رَدَّ الحكْمَ على نَفْسِه، ورَدَّه عليه غَيْرُه، بل القاضِي بشَهادَةِ الفاسِقِ أبْيَنُ خَطَأً منه بشَهادَةِ العَبْدِ (١)، وذلك أنّ الله جل ذكره قال: {وأشهدوا ذوي عدل منكم} [الطلاق: ٢]، وقال عز وجل: {ممن ترضون من الشهداء} [البقرة: ٢٨٢]، وليْسَ الفاسِقُ بواحِدٍ مِنْ هَذَيْن، فمَن قَضَى بشَهادَتِه فقد خالَفَ حُكْمَ الله عز وجل، ورَدُّ شَهادَةِ العَبْدِ إنّما هو بتأويلٍ.

وقال في موضعٍ آخَرَ: «إن طَلَبَ الخَصْمُ الجُرْحَةَ أجَّلَه (٢) بالمصْرِ وما قارَبَه، فإن لم يَجِئْ بها أنْفَذَ الحكْمَ عليه، ثُمّ إن جَرَحَهم بَعْدُ لم يَرُدَّ الحكْمَ عنه»، قال المزني: قياسُ قَوْلِه الأوَّلِ أن يَقْبَلَ الشُّهُودَ العُدُولَ أنّهما فاسِقان - كما يَقْبَلُ أنّهما عَبْدان ومُشْرِكان - ويَرُدَّ الحكْمَ (٣).

(٣٨٣٠) قال الشافعي: ولو أنْفَذَ القاضِي بشَهادَتِهما قَطْعًا، ثُمّ بان ذلك له .. لم يَكُنْ عليهما شَيْءٌ؛ لأنّهما صادِقان في الظّاهِرِ، وكان عليه أن لا يَقْبَلَ منهما، فهذا خَطَأٌ منه تَحْمِلُه عاقِلُتُه.


(١) قوله: «بشهادة» في الموضعين ورد في ز: «بإجازة شهادة».
(٢) زاد في ز: «ثلاثًا».
(٣) هذا من المزني تخريج قول ثانٍ للشافعي: أنه لا ينقض الحكم إذا تبين بعده فسق الشاهدين، والأظهر المنصوص عليه: النقض، وقطع به بعضهم. انظر: «العزيز» (٢١/ ٦١١) و «الروضة» (١١/ ٢٥١).