أنّي جَعَلْتُهم عُدُولًا بالأوَّلِ فأمْضَيْنا بهم الحكْمَ، ولم يَكُونُوا عُدُولًا في الآخَرِ فتُرَدَّ الدّارُ، ولم يُفِيتُوا شَيْئًا لا يُوجَدُ، ولم يَأخُذُوا شَيْئًا لأنْفُسِهم فأنْتَزِعَه منهم، وهم كمُبْتَدِئِين شَهادَةً لا تُقْبَلُ منهم، ولا أُغْرِمُهم ما أقِرُّه في يَدَيْ غَيْرِهم (١).
(١) الذي نص عليه الشافعي في هذه المسألة في كتاب «المختصر» وفي غيره من الكتب: لا رجوع على الشهود بالغرم، وقال فيمن أقر بدار في يده أنه غصبها من زيد، ثم قال: «لا بل غصبتها من عمرو»: أنها تكون لزيد؛ لتقدم الإقرار بها له، وهل يجب قيمتها لعمرو أم لا؟ على قولين، وكذا قال في عبد أعتقه من هو في يده، ثم أقر بغصبه من عمرو، هل يغرم قيمته لعمرو أم لا؟ على القولين، فاختلف أصحابنا في الجمع على وجهين: أحدهما وهو قول أبي العباس بن سريج وأكثر الأصحاب - أنهما سيان، وفي غرم الشهود إذا رجعوا قولان: أحدهما - عليهم غرم قيمة العين، وهو المخرج، والثاني - لا غرم عليهم؛ لأن الأعيان تضمن بواحد من أمرين: إما بإتلاف أو بيد، ولم يكن من الشهود إتلاف العين؛ لبقائها، ولا اليد؛ لعدم تصرفهم فيها، فسقط غرمها عنهم، وهذا القول المنصوص عليه، والوجه الثاني - أنه لا غرم على الشهود قولًا واحدًا، والمذهب الغرم. انظر: «الحاوي» (١٧/ ٢٦٧) و «العزيز» (٢١/ ٧٨١) و «الروضة» (١١/ ٣٠٢).