الفصل الثالث في ذكر مقاصد المُزَني من تأليف المختصَر
قال المُزَني (ف: ١): «اختصرتُ هذا من عِلْم الشافعي ومن معنى قوله، لأقَرِّبَه على مَنْ أراده، مع إعلامِيهِ نَهْيَه عن تقليدِه وتقليدِ غيرِه، ليَنظُرَ فيه لدِينِه، ويحتاطَ لنَفْسِه»، فذكر مقصدين مترتِّبين أرادهما بالتأليف، وثالثًا نفى أن يكون أراده حتى لا يتوهَّم عليه:
المقصد الأول: تقريب علم الشافعي، ويمكن حصر مظاهر هذا التقريب في ثلاثة أمور:
أولها - جمع ما تفرَّق في كتب الشافعي، فإن الشافعي كتب في الفقه وأصوله، وفي الحديث واختلافه، واختلاف أئمة علماء الأمصار والردِّ عليهم، وفي جميع هذه الكتب ذكر مسائل الفقه وأبدى قوله ومذهبه، ولم يتسنَّ إلا للقليلين من الأصحاب الاطلاع على جُلِّ كتب الشافعي، ومن هؤلاء القليلين المُزَني -رحمه الله-، فجمع المُزَني ما تفرَّق في هذه الكتب، واختار من نصوص الشافعي فيها أحسنها بيانًا وتعبيرًا، ثم اختصرها اختصارًا مركزًا يبرز قيود المسألة وتفاصيل صوره، ثم رتَّب المسائل والأبواب ترتيبًا منهجيًّا