للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

(٣٢٣)

[باب الخلاف في قتال أهل البغي]

(٣١٩٦) قال الشافعي: قال بعض الناس: إذا كانَت الحرْبُ قائِمَةً اسْتُمْتِعَ بدَوابِّهِم وسِلاحِهِم، فإذا انْقَضَت الحرْبُ فذلك رَدٌّ، قلتُ: أرَأيْتَ إن عارَضَك وإيّانا مُعارِضٌ يَسْتَحِلُّ مالَ مَنْ يَسْتَحِلُّ دَمَه فقال: الدَّمُ أعْظَمُ (١)، فإذا حَلَّ الدَّمُ حَلَّ المالُ، هل لك حُجَّةٌ إلّا أنّ هذا في أهْلِ الحرْبِ الذين يُرَقُّ أحْرارُهُم، وتُسْبَى نِساؤُهُم وذَرارِيهم؟ والحُكْمُ في أهْلِ القِبْلَةِ خِلافُهُم، وقد يَحِلُّ دَمُ الزّانِي المحْصَنِ والقاتِلِ ولا تَحِلُّ أمْوالُهُما بجِنايَتِهما، والباغِي أخَفُّ حالًا منهما، ويُقالُ لهما: مُباحا الدَّمِ مُطْلَقًا، ولا يُقالُ للباغِي: مُباحُ الدَّمِ، وإنّما يُقالُ: يُمْنَعُ مِنْ البَغْيِ إنْ قُدِرَ على مَنْعِه بالكلامِ، أو كان غَيْرَ مُمْتَنِعٍ لا يُقاتَلُ ولم يَحِلَّ قِتالُه؟ قال: فإنّي إنّما آخُذُ سِلاحَهُم لأنّه أقْوَى لي وأوْهَنُ لهم ما كانُوا مُقاتِلِين، فقلتُ له: فإذا أخَذْتَ مالَ قَتِيلٍ قد صارَ مِلْكُهُ لِطِفْلٍ أو كَبِيرٍ لم يُقاتِلْك قَطُّ (٢)، أفَتَقْوَى بمالِ غائِبٍ غَيْرِ باغٍ على باغٍ؟ وقلتُ له: أرَأيْتَ لو وَجَدْتَ لهم دَنانِيرَ أو دَراهِمَ تُقَوِّيكَ عليهم أتَأخُذُها؟ قال: لا، قلتُ: فقد تَرَكْتَ ما هو أقْوَى لك عليهم مِنْ السِّلاحِ في بَعْضِ الحالاتِ.

(٣١٩٧) وقال: فإنّ صاحِبَنا يَزْعُمُ أنّه لا يُصَلّي على قَتْلَى أهْلِ البَغْيِ، قلتُ: ولِمَ؟ وهو يُصَلِّي على مَنْ قَتَلَه في حَدٍّ، وهو يَجِبُ عليه قَتْلُه ولا يَحِلُّ له تَرْكُه (٣)، والباغِي مُحَرَّمٌ عليه قَتْلُه مُولِيًا وراجِعًا عن البَغْيِ، ولو تُرِكَت


(١) كذا في ز ب س، وفي ظ: «الدماء أعظم».
(٢) كذا في ظ، وفي ز ب س: «فإذا أخذت ماله وقتل فقد صار … » الخ.
(٣) كذا في ظ، وفي ز ب س: «قتله في حد يجب عليه … » الخ على أن «يجب» صفة للحد.