للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

(١٦٨)

[باب إقطاع المعادن وغيرها]

(١٧١٩) قال الشافعي: وفي إقطاعِ المعادن قولان: أحدُهما - أنّه يُخالِفُ إقطاعَ الأرضِ (١)؛ لأنّ مَنْ أقْطَعَ أرْضًا فيها معادِنُ أو عَمِلَها وليستْ لأحَدٍ، سواءٌ ذهبًا كانتْ أو فِضَّةً أو نُحاسًا أو ما لا يَخْلُصُ إلّا بمُؤنَةٍ؛ لأنّه باطنٌ مُسْتَكِنٌّ، وبين ظَهْرانَيْ تُرابٍ أو حِجارةٍ، فكانتْ هذه كالمواتِ في أنّ له أنْ يُقْطِعَه إيّاها، ومُخالِفَةٌ للمواتِ في أحَدِ القَوْلَيْنِ، وإنّ المواتَ إذا أحْيِيَتْ مَرَّةً ثَبَتَ إحْياؤُها، وهذه في كُلِّ يَوْمٍ يُبْتَدأ إحْياؤُها لبُطونِ ما فيها (٢)، ولا يَنْبَغِي أن يُقْطِعَه مِنْ المعادنِ إلّا قَدْرَ ما يَحْتَمِلُ، على أنّه إنْ عَطَّلَه لم يَكُنْ له مَنْعُ مَنْ أخَذَه (٣)، ومِن حُجَّتِه في ذلك أنّ له بَيْعَ الأرضِ وليس له بيعُ المعادنِ، وأنّها كالبئرِ تُحْفَرُ بالباديةِ فتَكُونُ لحافِرِها، ولا يَكُونُ له مَنْعُ الماشيةِ فَضْلَ مائِها، وكالمنزلِ بالباديةِ هو أحَقُّ به، فإذا تَرَكَه لم يَمْنَعْ منه مَنْ نَزَلَه.

(١٧٢٠) ولو أقْطَعَ أرْضًا فأحْياها، ثُمّ ظَهَرَ فيها مَعْدِنٌ .. مَلَكَه مِلْكَ الأرْضِ في القولين معًا.


(١) قال إمام الحرمين في «النهاية» (٨/ ٣١٩): «قد أخل المزني في النقل، وإنما قال الشافعي: (أحدهما: أنه لا يخالف إقطاع الأرض)، فحذف المزني كلمة «لا»، وجعل القولين واحدًا»، قال عبدالله: ما قاله إمام الحرمين لا شك صحيح، إلا أن نصه في المطبوع من «الأم» (٣/ ٢٦٦) يوافق ما نقل المزني، فلا أدري ذلك من خطأ الناسخ أو الطابع.
(٢) كلام الشافعي يُشعِر بترجيحه أن المعادن الباطنة لا تُملَك بالإحياء كالظاهرة، وليست كإحياء الموات، وهو الأظهر من القولين. وانظر: «العزيز» (١٠/ ١٧٨) و «الروضة» (٥/ ٣٠٢).
(٣) كذا في ز ب س، وفي ظ: «منعه مِنْ أخْذِه».