للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

سعيد بن أبي القاضي، فقال له: يا أبا عبدالله لم يأن لك بعدُ، قال: فدخلت المنزل فأقمت فيه ستة أشهر حتى استظهرت كتاب المُزَني ثم تكلَّمت، فقال لي سعيد: إيها الآن (١).

المقصد الثالث: التقليد، وقد صرح المُزَني أنه لم يُرده لذلك، فقد نقل عن الشافعي نهيه عن تقليده وتقليد غيره، فالمقلّدون ليسوا ضمن الفئات التي يقدم لهم كتابه، ومن أخذ كتاب المُزَني على طريق التقليد فقد أراده على غير ما أراد مؤلِّفه وإمامه، فالتقليد سوس العلم الذي ينخر في صرحه حتى يهدمه، وهو الذي يُبعد الأقرباء، ويقطع صلة أنساب العلماء، وبسببه يجهل ذوو الأحلام، ويأتي العقلاء بالسفاهات، ولذلك كان للشافعي تجاهه موقف أيَّما موقف، ومن قوله فيه: «وبالتقليد أغفل من أغفل منهم، والله يغفر لنا ولهم» (٢).

وقال المُزَني: «ويقال لمن حكم بالتقليد: هل لك فيما حكمتَ من حجة؟ فإن قال: نعم .. أبطل التقليد؛ لأن الحجة أوجبت ذلك عنده، لا التقليد، وإن قال: بغير حجة .. قيل له: فلم أرقت الدماء، وأبحت الفروج، وأتلفت الأموال، وقد حرَّم الله كل ذلك فأبحته بغير حجة؟

فإن قال: أنا أعلم أنِّي قد أصبت وإن لم أعرف الحجة؛ لأن معلِّمي من كبار العلماء، ورأيته في العلم مقدمًا، فلم يقل ذلك إلا بحجة خفيت عني .. قيل: فتقليد معلم معلمك أولى من تقليد معلمك؛ لأنه لا يقول إلا بحجة خفيت عن معلمك كما لم يقل معلمك إلا بحجة خفيت عنك؟


(١) انظر «الطبقات» لابن السُّبْكي (٣/ ١٢٩).
(٢) انظر «الرسالة» للشافعي (فقرة: ١٣٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>