للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

(٢٠٨)

[باب الخلاف في إمساك الأواخر]

(٢١١٢) قال الشافعي: فاحْتَجَجْتُ على مَنْ يُبْطِلُ الأواخِرَ بقَوْلِ النبيِّ -صلى الله عليه وسلم- لابن الدَّيْلَمِيّ وعنده أخْتان: «اخْتَرْ أيَّتَهما شِئتَ، وفارِقِ الأخْرَى»، وبما قال لنَوْفَل بن معاويةَ، وتَخْيِيرِه غَيْلانَ، فلو كان الأواخِرُ حَرامًا ما خَيَّرَه النبيُّ -صلى الله عليه وسلم-، وقلت له: أحْسَنُ حالِهم أنْ يَعْقِدُوه بشَهادَةِ أهْلِ الأوْثانِ، قلت (١): ويُرْوَى أنّهُم يَنْكِحُون (٢) في العِدَّةِ وبغَيْرِ شُهُودٍ، قال: أجَلْ، قلت: وهذا كُلُّه فاسدٌ في الإسلام، قال: أجَلْ، قلت: فلمّا لم يَسْأل النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم- عن العَقْدِ (٣) كانَ عَفْوًا له لفَوْتِه؛ كما حَكَمَ اللهُ ورسولُه بعَفْوِ الرِّبا إذا فات بقَبْضِه ورَدِّ ما بَقِيَ لأنّ الإسلامَ أدْرَكَه؛ كما رَدَّ ما جاوَزَ أرْبَعًا لأنّ الإسلامَ أدْرَكَهُنّ معًا، والعُقَدُ كُلُّها لو ابتُدِئَت في الإسلامِ فاسدةٌ، فكيف نَظَرْتَ إلى فَسادِها مَرَّةً ولم تَنْظُرْ أخْرَى؟ فرَجَعَ بَعْضُ أصْحابِهم، وقال محمدُ بنُ الحسن: ما عَلِمْتُ (٤) أحَدًا احْتَجَّ بأحْسَنَ ممّا احْتَجَجْتَ به، ولقد (٥) خالَفْتُ أصْحابي فيه مُنْذُ زَمانٍ، وما يَنْبَغِي أن يَدْخُلَ على حديثِ النبيِّ -صلى الله عليه وسلم- القِياسُ.

قال المزني: كان محمّدُ بنُ الحسن مِنْ أنْصَفِ النّاسِ في هذا الموْضِعِ (٦).


(١) كذا في ظ ز س، وفي ب: «قلت أنا» على طريقته في تمييز أقوال المزني، والظاهر أنه قول الشافعي نفسه.
(٢) كذا في ظ ز ب، وفي س: «كانوا ينكحون».
(٣) زاد في س: «بغير شهود».
(٤) كذا في ظ ب، وفي س: «أعلم»، وفي ز: «سمعت».
(٥) كذا في ز ب س، وفي ظ: «ولو».
(٦) السطر من كلام المزني من ز س، ولا وجود له في ظ ب.