(٣٤١٦) قال الشافعي: إذا نَقَضَ الذين عَقَدُوا الصُّلْحَ عليهم، أو جماعَةٌ منهم فلم يُخالِفُوا الناقِضَ بقَوْلٍ أو فِعْلٍ ظاهِرٍ، أو اعْتِزالِ بلادِهِم، أو يُرْسِلُون إلى الإمامِ أنّهم على صُلْحِهم .. فللإمامِ غَزْوُهُم، وقَتْلُ مُقاتِلَتِهم، وسَبْيُ ذَرارِيِّهم، وغَنِيمَةُ أمْوالِهِم، وهكذا فَعَلَ رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم- بسَبْيِ قُرَيْظَةَ، عَقَدَ عليهم صاحِبُهُم فنَقَضَ ولم يُفارِقُوه، ولَيْسَ كُلُّهُم أشْرَكَ في المعُونَةِ على النبيِّ -صلى الله عليه وسلم- وأصْحابِه، ولكنَّ كُلَّهُم لَزِمَ حِصْنَه فلم يُفارِق النّاقِضَ إلّا نَفَرٌ منهم، وأعان على خُزاعَةَ وهم في عَقْدِ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- ثلاثةُ نَفَرٍ مِنْ قُرَيْشٍ فشَهِدُوا قِتالَهُم، فغَزا النبيُّ -صلى الله عليه وسلم- قُرَيْشًا عامَ الفَتْحِ بغَدْرِ ثلاثةِ نَفَرٍ وتَرْكِهِم مَعُونَةَ خُزاعَةَ وإيوائِهم مَنْ قاتَلَها.
(٣٤١٧) قال: ومتى ظَهَرَ مِنْ مُهادِنِين ما يَدُلُّ على خِيانَتِهم .. نبَذَ إليهم عَهْدَهم، وأبْلَغَهُم مأمَنَهم، ثُمّ هُمْ حَرْبٌ، قال الله عز وجل:{وإما تخافن من قوم خيانة فانبذ إليهم على سواء}[الأنفال: ٥٨](١).
(١) قال أبو منصور في «الزاهر» (ص: ٥١٩): «معنى الآية والله أعلم، يقول: إذا كان بينك وبين قوم من المشركين مهادنة وعهد إلى مدة، فخفت خيانتهم؛ أي: نقضهم العهد .. فلا تسبقهم أنت إلى مثل ما أرادوا من الغدر، ولكنك تنبذ إليهم عهدهم، وتعلمهم أن لا عهد بينك وبينهم، فإذا استويتم في علم نقض العهد فحينئذٍ إن أردت الإيقاع بهم فعلته».