للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

(١١٧)

[باب خيار المتبايعين ما لم يتفرقا]

(٩٩٨) قال الشافعي: أخبرنا مالك، عن نافع، عن ابن عمر، أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: «المتبايعان كلُّ واحدٍ منهما على صاحبِه بالخيارِ ما لم يَتَفَرَّقا، إلّا بَيْعَ الخيارِ».

(٩٩٩) قال الشافعي: وفي حديث ابن عمرَ (١): «كان إذا أراد أن يوجِبَ البَيْعَ مَشَى قَليلًا ثُمّ رَجَعَ»، وفي حديثِ أبي الوَضِيء، قال: «كُنّا في غَزاةٍ، فباع صاحبٌ لنا فَرَسًا مِنْ رجلٍ، فلمّا أرَدْنا الرَّحِيلَ خاصَمَه فيه إلى أبي بَرْزَةَ، فقال أبو بَرْزَةُ: سمعتُ رسولَ الله -صلى الله عليه وسلم- يَقولُ: البَيِّعان بالخِيارِ ما لم يَتَفَرَّقا» (٢)، قال: وفي الحديثِ ما لم يَحْضُرْ يَحْيَى بنَ حَسّانَ حِفْظُه، وقد سمعتُه مِنْ غَيْرِه أنّهما باتا لَيْلَةً ثُمّ غَدَوَا عليه، فقال: لا أراكُما تَفَرَّقْتُما،


(١) كذا في ظ، وفي ز ب س: «وفي حديث آخر أن ابن عمر»، والحديث واحد، والمقولة لنافع عقب الحديث السابق.
(٢) «البيعان»: العرب تقول: «بعت» بمعنى: بعتُ ما ملكتُه من غيري فزال ملكي عنه، وتقول: «بعت» بمعنى: اشتريت، ويقال لكل واحد منهما: «بائع» و «بَيِّعٌ»، ومنه قول النبي -صلى الله عليه وسلم-: «البَيِّعان بالخيار ما لم يتفرَّقَا»، وكذلك «شَرَيتُ» تكون بمعنيين متضادين، وإنما أجيز ذلك؛ لأن الثمن والمثمن كلاهما مبيع إذا تبايع المتبايعان، قال الله عز وجل: (وَلا تَشْتَرُوا بِآيَاتِي ثَمَنًا قَلِيلًا وَإِيَّايَ فَاتَّقُونِ) [البقرة: ٤١]، فجعل الثمن مشترى كسائر السلع، وقوله: «يتفرقا» هنا وفي الحديث السابق ورد في ز «يفترقا»، والوجهان ثابتان من جهة الرواية، وينبغي معرفة ما قيل في الفرق بينهما، فروى ثعلب عن ابن الأعرابي عن المفضل، قال: «فَرَقْتُ بين الكلامين - مخففًا - فافترقا، وفَرَّقْتُ بين اثنين - مشددًا - فتَفَرَّقا»، قال ثعلب: «فأراه جعل الافتراق في القول، والتفرق بالأبدان»، والذي يذهب إليه الشافعي أن الفرقة إنما هي بالأبدان، وذلك أنه لما كان الاجتماع على التساوم إنما هو بالأبدان والكلام، كان الافتراق كذلك لا يكون إلا بهما. «الزاهر» (ص: ٢٨٧ - ٢٩١) و «الحلية» (ص: ١٢٣، ١٢٤).