لم أجد نصًّا صريحًا عن المُزَني يتضمَّن التنويه باسم الكتاب، وهذه عادة السلف من الأئمة العناية بالمضامين مع الانصراف عن المظاهر، على خلاف ما عليه المتأخِّرون من تخيُّر الأسماء الفخمة وإن كانت على حساب المضامين التافهة، لكن ما ذكرنا من قول المُزَني:«لو أدركني الشافعي لسمع مني هذا المختصَر» يمكن أن يُستأنَس به لاعتماد اسم «المختصَر» عنوانًا للكتاب.
ويؤيِّد ذلك أنه «المختصَر» باعتبار الحقيقة والمضمون كما قال المُزَني (ف: ١): «اختصرت هذا»، وهو «المختصَر» بالغلبة، فلا يشتبه بالمختصَر الكبير أو الصغير الذي انصرف الناس عنهما فلم يعتنوا بهما حتى صارتا كالمتروكين أو المعدومين، ولا يشتبه بـ «مختصَري البُوَيْطي» الذي لا يكاد يذكر إلا مقيَّدًا معزوًّا إليه، فلا ضرورة لكتابنا إلى زيادات وملحقات به تميِّزه عن غيره، فهو بانتشار ذكره وعناية الفقهاء به واجتماعهم عليه أشهر من نار على علم، فهو مرادهم حين يقولون:«وفي المختصَر»، وهو كذلك مرادهم