للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

(١٨)

باب جامع وقت الصلاة والأذان (١)


(١) هكذا وردت الترجمة في ظ ز، وأشار في هامش ز إلى نسخة أخرى: «جماع»، وفي ب: «باب وقت الصلاة والأذان»، وزاد في ب ٢: «والعذر فيه».
وهي خمسة أوقات، أشار إليها الله في قوله تعالى في سورة الروم [١٧ - ١٨]: (فَسُبْحَانَ اللَّهِ حِينَ تُمْسُونَ) صلاة المغرب، (وَحِينَ تُصْبِحُونَ) الصبح، (وَعَشِيًّا) العصر، (وَحِينَ تُظْهِرُونَ) الظهر.
وفي قوله عز وجل: (أَقِمِ الصَّلاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ إلى غَسَقِ اللَّيْلِ وَقُرْآنَ الْفَجْرِ إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ) [الإسراء: ٧٨]، فدلوك الشمس: زوالها، وهو وقت الظهر، وقيل: دلوكها غروبها، قال أبو منصور الأزهري: «والذي عندي فيه أنه جعل الدلوك وقتًا لصلاتي العشيِّ، وهما: الظهر والعصر؛ كما جعل أحد طرفي النهار وقتًا لهما»، وقوله: (إِلَى غَسَقِ اللَّيْلِ) يريد: وقت صلاتَيِ المغرب والعشاء الآخِرة، و «الغسق»: ظلمة الليل، وأراد بقوله: (وقرآن الفجر) صلاة الفجر، سماها قرآنًا؛ لأن القرآن يُقرَأ فيها.
وفي قوله تبارك وتعالى: (وَأَقِمِ الصَّلَاةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ وَزُلَفًا مِنَ اللَّيْلِ) [هود: ١١٤]، دخلت الصلوات الخمس في طرفي النهار وزُلَف الليل، فجعل النهار ذا طرفين، أحد طرفيه الغداة، وفيها صلاة الصبح وحدها، والطرف الآخر العشيّ، وفيه صلاتا الظهر والعصر؛ لأن العشي عند العرب ما بين أن تزول الشمس إلى أن تغرب، كل ذلك عشي، والدليل على ذلك: ما روي عن أبي هريرة -رضي الله عنه- حيث يقول: «صلى بنا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إحدى صلاتي العشي، إما الظهر وإما العصر»، فجعلهما صلاتي العشي، وأما قوله تعالى: (وَزُلَفًا مِنَ اللَّيْلِ)، فإنه أراد: صلاتي المغرب العشاء، وسماهما: «زلفًا»؛ لأنهما في أول ساعات الليل وأقربها، وأصله من «الزلفى»، وهي القربى، و «ازدلف إليه»: اقترب منه.
وفي الآيتين دليل على اتحاد وقت الظهر مع العصر، والمغرب مع العشاء عند الضرورات.
ومما ينبغي تقديمه هنا معرفة أسماء هذه الأوقات وسر تسمياتها.
فالصلاة الأولى يقال لها: «الظهر»، ومنه قول الله تعالى: (وَحِينَ تُظْهِرُونَ)، يقال: «أظهر القوم»: إذا دخلوا في وقت الظَّهيرة، وذلك حين تزول الشمس، وزوالها: ميلها عن الاستواء في كبد السماء، قال ابن فارس: «وسميت هذه ظهرًا؛ لأن وقتها أظهرُ الأوقات وأبينها».
والصلاة الثانية يقال لها: «العصر»، والعرب تقول: «فلان يأتي فلانًا العَصْرَينِ والبَرْدَينِ»: إذا كان يأتيه طرفي النهار، وهما الغداة والعشي، فسميت الصلاة عصرًا باسم ذلك الوقت؛ لأنها في أحد طرفي النهار.
والصلاة الثالثة يقال لها: «المغرب»، وإنما سميت مغربًا لغروب الشمس عندها، يقال: «غربت الشمس تغرب»: إذا غابت، وهو مأخوذ من البعد، يقال: «غرب الرجل»: إذا تباعد، كذلك الشمس إذا غابت بعدت عن مرأى الأبصار لها.
والصلاة الرابعة يقال لها: «العشاء»، وهي التي كانت العرب تسميها: «العَتَمة» باسم عَتَمة الليل، وهي ظلمة أوله، وكانوا يُعْتِمون بالإبل، إذا راحت عليهم النعم بعد المساء أناخوها ولم يحلبوها حتى يُعْتِموا؛ أي: يدخلوا في عتمة الليل، وكانوا يسمون تلك الحَلْبة «عتمة» باسم عتمة الليل، ثم قالوا لصلاة العشاء «عتمة» لأنها تؤدى في ذلك الوقت، فنهى النبي -صلى الله عليه وسلم- عن ذلك، وقال: «لا تَغْلِبنَّكم الأعرابُ على اسمِ صلاتكم العشاء؛ فإنما يُعْتِمون بالإبل».
والصلاة الخامسة يقال لها: «الفجر» و «الصبح»، فالفجر من «انفجر الشيء» إذا انفتح، وسمي صبحًا لحُمْرته، ويقال: إن صَباحة الوجه إنما سميت للحُمْرة صباحة، وهما فجران: يقال للأول منهما: «الكاذب»، وهو مستطيل في السماء، يشبه ذَنَب السِّرْحان، وهو الذئب؛ لأنه مستدق صاعد، غير معترض في الأفق، وهو الذي لا يحل أداء صلاة الصبح فيه، ولا يحرم الأكل على الصائم، ويقال للثاني: «الصادق»، وهو المستطير، سمي مستطيرًا؛ لانتشاره في الأفق.
انظر: «الزاهر» (ص: ١٤٣ - ١٤٨) و «الحلية» (ص: ٦٩ - ٧٤).