(٢٢٠٦) قال الشافعي: وإذا عَقَدَ النِّكاحَ بألْفٍ على أنّ لأبِيها ألْفًا .. فالمهْرُ فاسِدٌ؛ لأنّ الألْفَ ليس بمَهْرٍ لها، ولا يَحِقُّ له باشْتِراطِه إيّاه، ولو نَكَحَ امْرَأةً على ألْفٍ، وعلى أن يُعْطِيَ أباها ألْفًا .. كان جائزًا، ولها مَنْعُه وأخْذُها منه؛ لأنّها هِبَةٌ لم تُقْبَضْ، أو وَكالَةٌ (١).
(١) المسألتان متشاكلتان، وفي النصين طرق للأصحاب، والمذهب: أنه لا فرق، ويفسد الصداق بشرط الإعطاء فساده بشرط الاستحقاق؛ لأنه ليس في اللفظة ما يشعر بالنيابة والحوالة، واختلفوا فيما نقله المزني ثانيًا، فغلطه أكثر الأصحاب، وأوله آخرون على الصحة، فعن ابن خيران: أن الشافعي لم يقل: «كان الصداق جائزًا»، وإنما قال: «كان جائزًا»، فلعله أراد النكاح، وقال الماوردي: «الذي عندي أن نقل المزني صحيح، وأنه متأول على مسألة أخرى مسطورة للشافعي في (الأم)، وهو أن يتزوجها على ألفين، على أن يعطيَ أباها ألفًا منها، أو تعطيَ أباها ألفًا منها، فإن كانت هي المعطية للألف .. فهي هبة للأب، وإن كان هو المعطي للألف .. احتمل أن تكون هبة للأب، واحتمل أن تكون وكالة يتولى قبضها الأب، فيكون الصداق جائزًا؛ لأن جميع الألفين صداق، ولم يؤثر فيه هذا الشرط؛ لأنه لم يشترط لنفسه عليها، ولا اشترط لها على نفسه»، قال: «ويوضح أن نقل المزني صحيح وأنه محمول على هذا التأويل، أن في لفظ المسألة دليل على هذا التأويل، وهو المفرق بينها وبين المسألة الأولى؛ لأنه قال في هذه: (ولو تزوجها على ألف وعلى أن يعطي أباها ألفًا)، وقال في الأولى: (ولو عقد نكاحها بألف على أن لأبيها ألفًا)، فجعل لأبيها في هذه المسألة قبض الألف، وجعل لأبيها في المسألة الأولى ملك الألف، فدل على أن الألفين في هذه المسألة صداق للزوجة، فلذلك صح، وفي الأولى إحداهما صداق لها والأخرى للأب، فلذلك بطل، ولأنه قال: (ولها منعه وأخذها منه)، وليس لها أن تمنع الزوج من دفع ماله، ولا لها أن تأخذ غير صداقها، فدل على أن الألفين كانت صداقًا لها، ثم بين في التعليل، فقال: (لأنها هبة لم تقبض، أو وكالة لم تتم)، فدل على أن الشرط كان معقودًا على أن تهب هي من الألفين ألفًا لأبيها، أو توكله في قبضها، فكانت على خيارها في أن تتمم الهبة بالقبض أو ترجع فيها، أو تتمم الوكالة أو تبطلها». انظر: «الحاوي» (٩/ ٥٠٣) و «النهاية» (١٣/ ١٤٢) و «العزيز» (١٤/ ٥٧) و «الروضة» (٧/ ٢٦٦).