أبى الله الكمال إلا لنفسه، وأيّ جهد بشري مهما جلَّ قدره يحمل دليلًا على إنسانية القائم به، فيه النسيان وفيه الخطأ، وفيه الدليل على حدود علمه، والمُزَني وغيره سواء تحت حكم هذه القاعدة، ومن ثم كان من المهم الإلمام بوجوه النقد الموجَّه على المُزَني في كتابه.
ومما ينبغي معرفته قبل الخوض في تفصيل وجوه النقد الموجَّه للمُزَني أن الناقدين له قسمان: فمنهم المتعنِّت الذي يبتغي الشناعة على الكتاب، وقد ذكر الماوردي ممن سلك هذا المسلك من المعترضين: النهرماني والمغربي والقهي وأبا طالب الكاتب وأبا بكر بن داود، قال الماوردي:«اعترض عليه فيها من حساد الفضل من أغراهم التقدم بالمنازعة، وبعثهم الاشتهار على المذمة»، ومنهم المبتغي إكمال مراده بإصلاح أخطائه، وهؤلاء هم جمهور أصحابنا الشافعية رضي الله عنهم، وجماع القول في تلك الانتقادات أنها على أوجه سبعة:
الوجه الأول: خُلُوّ الكتاب عن خطبته، فقد ثبت في الخبر عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال:«كل أمر ذي بال لا يبدأ فيه بالحمد أقطع»، أو: