(١٩٤٩) قال الشافعي: كُلُّ ما صُولِحَ عليه المشركون بغير قتالِ خيلٍ ولا رِكابٍ .. فسَبيلُه سبيلُ الفَيْءِ على قَسْمِه، وما كان مِنْ ذلك مِنْ أرَضِينَ ودُورٍ .. فهي وَقْفٌ للمسلمين، تُسْتَغَلُّ وتُقْسَمُ غَلَّتُها في كُلِّ عامٍ كذلك أبدًا، قال: وأحْسَبُ ما تَرَكَ عمرُ مِنْ بلادِ أهلِ الشركِ هكذا، أو شيئًا اسْتَطاب أنْفُسَ مَنْ ظَهَرَ عليه بخيلٍ وركابٍ فتَرَكُوه؛ كما اسْتَطابَ رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم- أنْفُسَ أهلِ سَبْيِ هَوازِنَ فتَرَكُوا حُقُوقَهم، وفي حديث جرير بن عبدالله عن عمر أنّه عَوَّضَه مِنْ حَقِّه، وعَوَّضَ امرأةً مِنْ حَقِّها بمِيراثِها .. كالدليلِ على ما قُلْتُ.
(١٩٥٠) قال: وقال الله تبارك وتعالى: {إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا}[الحجرات: ١٣](١)، قال: ورَوَى الزهريُّ أنّ النبيَّ -صلى الله عليه وسلم- عَرَّفَ عامَ حُنَيْنٍ على كُلِّ عشَرةٍ عَرِيفًا، قال: وجَعَلَ رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم- للمهاجرين شِعارًا، وللأوْسِ شِعارًا، وللخَزْرَجِ شِعارًا، قال: وعَقَدَ رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم- الألْوِيَةَ، فعَقَدَ للقَبائلِ قَبِيلَةً فقَبِيلَةً، حتّى جَعَلَ في القبيلةِ
(١) قال أبو منصور في «الزاهر» (ص: ٣٨٩): «المعنى: إنا خلقناكم من آدم وحواء، وكلكم بنو أب واحد وأم واحدة، إليهما ترجعون في أنسابكم، ثم قال: {وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا} يقول: لم نجعلكم كذلك لتتفاخروا بآبائكم الذين مضوا في الشعوب والقبائل، وإنما جعلناكم كذلك لتتعارفوا؛ أي: ليعرف بعضكم بعضًا، وقرابته منه وتوارثه بتلك القرابة، ولما لكم من معرفة القبائل من المصالح في معاقلكم، ثم قال: {إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ}؛ أي: إن أرفعكم منزلة عند الله أتقاكم، وفي هذه الآية نهي عن التفاخر بالأنساب، وحض على معرفتها؛ ليستعان بها على حيازة المواريث، ومعرفة العواقل في الديات».