للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

ألْوِيَةً؛ كُلَّ لِواءٍ لأهْلِه، وكُلُّ هذا ليَتَعارَفَ الناسُ في الحرْبِ وغيرِها، فتَخِفَّ المؤنةُ عليهم باجْتِماعِهم (١)، وعلى الوالي بذلك (٢)؛ لأنّ في تَفْرِيقِهِم إذا أرِيدُوا مَؤُونَةً عليهم وعلى وَالِيهِم، فهكذا أحِبُّ للوالي أن يَضَعَ دِيوانَه على القبائلِ، ويَسْتَظْهِرَ على مَنْ غاب عنه ومَن جَهِلَ ممّن حَضَرَه أهلَ الفَضْلِ مِنْ قَبائلِهم (٣).

(١٩٥١) قال: وأخبرني غيرُ واحدٍ مِنْ أهلِ العلم والصدق مِنْ أهل مَكّةَ والمدينةِ مِنْ قبائلِ قريشٍ، وكان بعضُهم أحْسَنَ اقْتِصَاصًا للحديثِ مِنْ بَعْضٍ، وقد زاد بعضُهم على بعضٍ، أنّ عُمَرَ لمّا دَوَّنَ الدِّيوانَ قال: أبْدَأُ ببني هاشمٍ، ثُمّ قال: حَضَرْتُ رسولَ الله -صلى الله عليه وسلم- يُعْطِيهم وبني المطَّلِبِ (٤)، فإذا كانت السِّنُّ في الهاشميِّ قَدَّمَه على المطَّلِبِيِّ، وإذا كانتْ في المطَّلِبِيِّ قَدَّمَه على الهاشميِّ، فوَضَعَ الدِّيوانَ على ذلك، وأعْطاهُم عطاءَ القبيلةِ الواحدةِ، ثُمّ اسْتَوَتْ له عبدُشمسٍ ونَوْفَلٌ (٥) في جِذْمِ النَّسَبِ، فقال: عبدُشمسٍ إخْوَةُ النبيِّ -صلى الله عليه وسلم- لأبيه وأمّه دون نَوْفَلٍ، فقَدَّمهم، ثُمّ دعا بني نَوْفَلٍ يَلُونَهم، ثُمّ اسْتَوَتْ له عبدُالعُزَّى وعبدُالدّارِ، فقال في بني أسَدِ بنِ عبدِالعُزَّى: أصْهارُ النبيِّ -صلى الله عليه وسلم-، وفيهم أنَّهم مِنْ المطَيَّبِين، وقال بعضُهم: هم حِلْفٌ مِنْ الفُضُول (٦)، وفيهم كان رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم-، وقيل: ذَكَرَ سابقةً، فقَدَّمَهم على


(١) قال أبو منصور في «الزاهر» (ص: ٣٩٠): «ما قاله الشافعي داخل في مصالح التعارف، ولا يخرج منها ما قدمنا ذكره».
(٢) كذا في ظ ز س، وفي ب: «كذلك».
(٣) كذا في ظ ب س، وفي الجملة تقديم وتأخير، وفي ز: «ممن حضره من أهل الفضل من قبائلهم».
(٤) في ظ: «عبدالمطلب».
(٥) كذا في ظ ز، وفي ب س: «بنو عبدشمس ونوفل».
(٦) قال الرافعي في «العزيز» (١٢/ ٥٠٦): «كان لقريش حلفان قبل المبعث، والحلف: العهد والبيعة.
أحدهما: أنه وقع تنازع بين بني عبد مناف وبني عبدالدار فيما كان إلى قصي من الحجابة والسقاية والرفادة واللواء، فتبع عبد مناف قبائل منهم أسد بن عبدالعزى وتيم وزهرة وبنو الحارث بن فهر، وتحالفوا على ألا يتخاذلوا، وعلى أن ينصروا المظلومين، ويدفعوا الظالمين، وتبع عبدالدار جمح وسهم ومخزوم وعدي، وتحالفوا أيضًا، وهؤلاء يسمَّوْن بالأحلاف، وعبد مناف ومن معهم يُسمَّوْن «المطَيَّبِين»؛ لأنهم أخرجوا جفنة مملوءة طيبًا، وكانوا يغمسون أيديهم فيها ويتبايعون، وقيل: لأنهم أخرجوا من طيب أموالهم وأعدوه للأضياف.
والثاني: أنه كان في قريش من يستضعف الغريب فيظلمه ويأخذ ماله، فأنكروا ذلك وتبايعوا على منع الظالم من الظلم في دار عبدالله بن جدعان، واجتمع عليه بنو هاشم وبنو المطلب وأسد بن عبدالعزى وزهرة وتيم، ويسمى هذا حلف الفضول، قيل: لأنهم أخرجوا فضول أموالهم للأضياف، وقيل: لأنه قام بأمره جماعة اسمهم: الفضل، منهم: الفضل بن الحارث، والفضل بن وداعة، والفضل بن فضالة، فجُمِعوا على فضول؛ كسعد وسُعود، وكان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- معهم في حلف الفضول، وكذلك في الحلف الأول، وكان مع المطيبين».
وقد نقل أبو منصور الأزهري في «الزاهر» (ص: ٣٩٠) نحو هذا عن ابن الأعرابي، ونقل عن غيره أنه قال: «حلف المطيبين وحلف الفضول واحد».