للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

(٦٢)

[باب تعجيل الصدقة]

(٥٦٠) قال الشافعي: أخبرنا مالك، عن زيد بن أسلم، عن عطاء بن يسار، عن أبي رافع، أنّ رسولَ الله -صلى الله عليه وسلم- اسْتَسْلَفَ مِنْ رجلٍ بَكْرًا (١)، فجاءتْه إبلٌ مِنْ الصدقةِ (٢)، قال أبو رافع (٣): «فأمَرَني أنْ أقْضِيَه إياه».

(٥٦١) قال الشافعي: والعلمُ يحِيطُ أنّه لا يَقْضِي مِنْ إبلِ الصدقةِ، والصدقةُ لا تَحِلُّ له إلّا وقد تَسَلَّف لأهلِها ما يَقْضِيه مِنْ مالهم، قال: وقال -صلى الله عليه وسلم- في الحالف بالله: «فلْيَأتِ الذي هو خَيْرٌ، ولْيُكَفِّرْ عن يَمِينِه»، وعن بعضِ أصحابِ النبي -صلى الله عليه وسلم- أنّه كان يحْلِفُ فيُكَفِّرُ ثمّ يحْنَثُ، وعن ابن عُمرَ أنّه كان يَبْعَثُ بصدقة الفطر إلى الذي تُجْمَعُ عنده قبل الفطر بيومَيْن، قال: فبهذا نأخذ.

قال المزني: ونَجْعَلُ في هذا الموضع ما هو أوْلَى به؛ مِنْ أنّ رسولَ الله -صلى الله عليه وسلم- تَسَلَّف صدقةَ العباسِ قبل حُلُولها (٤).


(١) «تسلف» و «استسلف»؛ أي: استقرض ليرد مثله عليه، «وقد أسلفته»؛ أي: أقرضته، و «السلف»: القرض، وأصله من قولهم: «سلفت القوم»؛ أي: تقدمتهم، و «أسلف» و «أسلم» بمعنًى واحد. «الزاهر» (ص: ٢٣٤).
(٢) كذا في ز ب، وفي ظ س: «إبل الصدقة».
(٣) «قال أبو رافع» من ب وهامش س.
(٤) كذا في ظ ب س، وفي ز: «حولها»، قال عبدالله: المزني يشير إلى عدم ظهور دلالة الحديثِ صَدْرَ البابِ على جواز تعجيل الصدقة، وهو كذلك، لكن الشافعي لم يستدل بهذا الحديث على تعجيل الصدقة، وإنما احتج به في جواز استقراض الحيوان، قال أبو منصور في «الزاهر» (ص: ٢٣٤): «واستسلاف النبي -صلى الله عليه وسلم- البكر يدل على جواز السلم في الحيوان؛ لأنه لا يجوز الاستقراض إلا فيما له مثل يضبط بالصفة»، ولهذا اعترض إمام الحرمين في «النهاية» (٣/ ١٧٢) على المزني إيراده الحديث صدر الباب، قال: «وردُّ الحديث إلى تعجيل الصدقة تكلّفٌ».