للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

(١٧٠)

باب عَطيّة الرجل ولده

(١٧٣٩) قال الشافعي: أخبرنا مالك، عن الزهري، عن حميد بن عبدالرحمن وعن محمد بن النعمان بن بشير، يحدثانه عن النعمان بن بشير، أنّ أباه أتَى به إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقال: إني نَحَلْتُ ابْنِي هذا غلامًا كان لي. فقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: «أكُلَّ وَلَدِك نَحَلْتَ مثل هذا؟»، قال: لا، قال: «فارْجِعْه»، قال الشافعي: وقد سَمِعْتُ في هذا الحديث أنّ رسولَ الله -صلى الله عليه وسلم- قال: «أليس يَسُرُّكَ أن يَكُونُوا في البِرِّ إليك سواءً؟»، قال: بَلَى، قال: «فارْجِعْه».

(١٧٤٠) قال الشافعي: فبِهِ نَأخُذُ، وفيه دَلالَةٌ على أمُورٍ:

منها: حُسْنُ الأدَبِ في أن لا يُفَضِّلَ فيَعْرِضَ في قلبِ المفْضُولِ شيءٌ يَمْنَعُه مِنْ بِرِّه؛ فإنّ القرابةَ تَنْفَسُ بعضُهُم بعضًا ما لا تَنْفَسُ العِدَى (١).

ومنها: أنّ إعْطاءَه بعضَهم جائزٌ، لولا (٢) ذلك لما قال: «ارْجِعْه».

ومنها: أنّ للوالدِ أن يَرْجِعَ فيما أعْطَى وَلَدَه، وقد فَضَّلَ أبو بكرٍ عائشةَ


(١) قال أبو منصور في «الزاهر» (ص: ٣٦٣): «أراد أن ذوي القرابة يحسد بعضهم بعضًا حسدًا لا تفعله العِدَى، وهم الغرباء الذين ليس بينهم قرابة، وأما العُدَى بضم العين .. فهم الأعداء، و «التنافس»: التحاسد، وأصله: التراغب، قال الله عز وجل: {وَفِي ذَلِكَ فَلْيَتَنَافَسِ الْمُتَنَافِسُونَ} [المطففين: ٢٦]؛ أي: فليتراغب المتراغبون، ويقال للذي يصيب الناس بعينه: «نافِسٌ، ونَفُوسٌ»؛ لأنه من شدة الحسد والرغبة فيما يراه لغيره يكاد يصيبه بالعين حتى يهلكه، ويقال: «هذا مال منفوس ونفيس»؛ أي: مرغوب فيه، و «النفس»: العين، يقال: «أصابه نفس»؛ أي: عين». قال عبدالله: «العدى» هكذا في ز ب س، وفي ظ: «البُعَدَى».
(٢) كذا في ظ ب س، وفي ز: «ولولا».