أخرى لتصير ثماني عشرة مسألة كما عدَّها ابن الصلاح في «الفتاوى» وقد سئل عن كميتها، ونقلها عنه النووي في «المجموع»(١/ ١٠٨) وزاد عليه مسألة أخرى، وزاد عليه آخرون مسائل ظهر لهم فيها الفتوى بالقديم، وليس عدها أو شرحها من مقاصدنا هنا، ذلك أن شيئًا منها كما قال ابن الصلاح ليس متفقًا عليه، لا من حيث إنها ذلك العدد ليس غير، ولا من حيث إن الخلاف فيها من قبيل الخلاف بين القديم والجديد، ولا من حيث إن الأصحَّ فيها القديم، فإن منها - كما قال - ما ذهب فيه بعض الأئمة إلى أن الصحيح هو الجديد لا القديم، ومنها ما قطع فيه بعض الأئمة بالقول الواحد ولم يجعل خلافًا بين الجديد والقديم، ومنها ما يجعله بعض الأئمة مسألة وجهين لا مسألة قولين، فلا داعي للإطالة بذكر تفاصيل تلك المسائل وشرحها (١).
وإنما الذي يَعنينا هنا هو بيان وجه التصحيح والفتوى بالقديم عند من يُفتي به، فليس ذلك من بابة واحدة كما قد يتوهَّم من أول النظر، والذي ظهر لي منها باعتبار عمل المُزَني في «مختصَره» وعمل الأئمة من بعده وجوه أربعة:
الوجه الأول: تخريج القديم مذهبًا واختيارًا للمرجح، وعليه فالمراد بالأصحِّ الأصحُّ اختيارًا ودليلًا، لا الأصحُّ مذهبًا ونقلًا، وقد أشار إلى هذا ابن الصلاح فقال بأن اختيارهم القديم مع أنه لم يبق قولًا للشافعي لرجوعه عنه من قبيل اختيار أحدهم مذهب غير الشافعي إذا أداه اجتهاده إليه، قال:
(١) انظر في شرح المسائل التسعة عشر التي عدها النووي كتاب «فرائد الفوائد» للمناوي (ص: ٥٩ - ٦٨)، وانظر كتاب «المعتمد» (ص: ١٣٧ - ١٤٧) للباحث محمد بن عمر بن أحمد الكاف منشور على الشبكة، فقد ذكر ما بلغه علمه من عَدِّ مسائل القديم التي يفتى بها.