للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

(٣٨٢)

باب التحفظ في الشهادة والعلمِ بها

(٣٧٦٠) قال الشافعي: قال الله عز وجل: {ولا تقف ما ليس لك به علم إن السمع والبصر والفؤاد كل أولئك كان عنه مسؤولا} [الإسراء: ٣٦] (١)، وقال: {إلا من شهد بالحق وهم يعلمون} [الزخرف: ٨٦]، قال: فالعِلْمُ مِنْ ثلاثة وُجُوهٍ: منها - ما عايَنَه، فيَشْهَدُ بها، ومنها - ما تَظاهَرَتْ به الأخْبارُ وثَبَتَتْ مَعْرِفَتُه في القُلُوبِ، فيَشْهَدُ عليه، ومنها - ما أثْبَتَه سَمْعًا مع إثْباتِ بَصَرٍ مِنْ المشْهُودِ عليه.

(٣٧٦١) فبذلك قُلْنا: لا تَجُوزُ شَهادَةُ الأعْمَى؛ لأنّ الصَّوْتَ يُشْبِه الصَّوْتَ، إلّا أن يَكُونَ أثْبَتَ شَيْئًا مُعايَنَةً وسَمْعًا ونَسَبًا ثُمّ عَمِيَ، فيَجُوزُ، ولا عِلَّةَ في رَدِّه (٢).

(٣٧٦٢) والشَّهادَةُ على مِلْكِ الرَّجُلِ الدَّارَ والثَّوْبَ على تَظاهُرِ الأخْبارِ بأنّه مالِكٌ، وأن لا يَرَى مُنازِعًا في ذلك، فتَثْبُتُ مَعْرِفَتُه في القَلْبِ، فيَسَعُ الشَّهادَةُ عليه، وعلى النَّسَبِ إذا سَمِعَه يَنْتَسِبُ زَمانًا، ويَسْمَعُ غَيْرَه يَنْسِبُه إلى نَسَبِه ولا يَسْمَعُ (٣) دافِعًا ولا دَلالَةً يَرْتابُ بها، وكذلك يَشْهَدُ على عَيْنِ المرْأةِ ونَسَبِها إذا تَظاهَرَتْ له الأخْبارُ ممَّنْ يُصَدَّقُ بأنّها فُلانَةُ، ورَآها مَرَّةً بعد مَرَّةٍ، وهذا كُلُّه شَهادَةٌ بعِلْمٍ كما وَصَفْتُ.


(١) «ولا تقف ما ليس لك به علم»؛ أي: لا تقولن في شيء ما لا تعلم، يقال: «قفوت الشيء، أقْفُوه، قَفْوًا»: إذا اتبعت أثره، فالتأويل: لا تتبعن لسانك من القول ما ليس لك به علم، وكذلك من جميع العمل. «الزاهر» (ص: ٥٥٤).
(٢) زاد في ز: «والكتاب أحرى أن لا يحل لأحد أن يشهد عليه».
(٣) كذا في ظ، وفي ز ب س: «ولم يسمع».