للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

ورابعها - الاحتواء لعلم الشافعي أصولًا وفروعًا، حيث جمع على اختصاره خلاصة كتب الشافعي وأماليه ودروسه، قال الروياني: «ولم يترك شيئًا من أصول مسائل الفقه وفروعها إلا وقد أتى عليه بحسن الاختصار والنظم، وربما يأتي في خطَّين أو ثلاثة ما أتى به الشافعي في أوراق»، ونقل عن الإمام القفال -رحمه الله- أنه قال: «مَنْ ضبط هذا المختصر حَقَّ ضبطه وتدبره لم يشذَّ عليه شيء من أصول مذهب الشافعي في الفقه» (١)، وقال الشيخ أبو زيد رحمه الله: «من تأمَّل في المختصَر حَقَّ تأمله .. تطلع على جميع الفروع والأصول، فإنه ما من مسألة أوردها إلا ورمز هناك إلى شيء من أصول الشافعي رحمة الله عليه» (٢).

المقصد الثاني: التيسير على من أراد التفقُّه والتديُّن، وهذا الذي أشار إليه المُزَني بقوله: «لينظر فيه» يريد: ينظر في مختصَره، وفي العلم الذي فيه، وقوله: «لدينه» فلأن الفقه علم ديني، فالناظر فيه ناظر في دينه، وقوله: «ويحتاط لنفسه» أي: ليطلب الاحتياط لنفسه بالاجتهاد في المذاهب وترك التقليد بطلب الدلالة، هكذا شرحه الماوردي في «الحاوي» (١/ ٣٣)، وفيه إشارة ظاهرة إلى أن المُزَني أراد لكتابه أن يكون كتاب دراسة وتعليم يتخرَّج عليه الفقهاء وأهل الدين، وقد ذكروا أنها «كانت البكر يكون في جهازها نسخة بمختصَر المُزَني» (٣)، وروي عن أبي عبدالله عن محمد بن جعفر بن أحمد بن عيسى (ت ٣١٨) من علماء خوارزم، أنه تكلَّم يومًا في مسألة مع


(١) انظر «بحر المذهب» للروياني (١/ ٢٥).
(٢) ذكره عنه القاضي حسين في «التعليقة» (١/ ١١١)، ونقله النووي في «المجموع» (١/ ١٥٧) عن القاضي حسين عنه بلفظ: «من تتبَّع المختصر حقَّ تتبُّعه لا يخفى عليه شيء من مسائل الفقه، فإنه ما من مسألة من الأصول والفروع إلا وقد ذكرها تصريحًا أو إشارةً».
(٣) انظر «سير أعلام النبلاء» للذهبي (١٢/ ٤٩٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>