للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

(٣٨١)

[باب شهادة القاذف]

(٣٧٥٥) قال الشافعي: أمَرَ اللهُ تعالى أن يُضْرَبَ القاذِفُ ثَمانِينَ، ولا تُقْبَلَ له شَهادَةٌ أبَدًا، وسَمّاه فاسِقًا، إلّا أن يَتُوبَ، فإنْ تاب قُبِلَتْ شَهادَتُه، ولا خِلافَ بيننا في الحرَمَيْنِ قَدِيمًا ولا حَدِيثًا في أنّه إذا تابَ قُبِلَتْ شَهادَتُه.

(٣٧٥٦) قال الشافعي: والتَّوْبَةُ إكْذابُه نَفْسَه (١)؛ لأنّه أذْنَبَ بأن نَطَقَ بالقَذْفِ، والتَّوْبَةُ منه أن يَقُولَ: القَذْفُ باطِلٌ؛ كما تكُونُ الرِّدَّةُ بالقَوْلِ، والتَّوْبَةُ عنها بالقَوْلِ، فإنْ كان عَدْلًا قُبِلَتْ شَهادَتُه، وإلّا فحَتَّى تَحْسُنَ حالُه (٢).

(٣٧٥٧) قال الشافعي: أخْبَرَنا سفيان بن عيينة، قال: سمعتُ الزهريَّ يَقُولُ: «زَعَمَ أهْلُ العِراقِ أنّ شَهادَةَ القاذِفِ لا تَجُوزُ، فأشْهَدُ لأخْبَرَنِي - ثُمّ سَمَّى الرَّجُلَ الّذِي أخْبَرَه - أنّ عُمَرَ قال لأبي بَكْرَةَ: تُبْ تُقْبَلْ شَهادَتُك، أو قال: إنْ تُبْتَ قُبِلَتْ شَهادَتُك».


(١) كذا في النسخ عندي، وقال الروياني في «البحر» (١٤/ ١٢٨): إن في نسخة أخرى من «المختصر»: «والتوبة إكذابه بأنه أذنب بأن نطق بالقذف»، وهو مقارب للأول في المعني، وظاهره أن يقول: «كذبت فيما قذفته به»، وبه قال الإصطخري، وقال الجمهور: لا يكلف أن يقول: «كذبت»، فقد يكون صادقًا، ولكن يقول: «قذفي باطل»، وما أشبه ذلك. وانظر: «طبقات الشافعية» للسبكي (٣/ ٢٤١).
(٢) القذف قد يكون على صورة الشهادة، فإذا لم يتم عدد الشهود أكذب نفسه وبقي على أصل عدالته، وقد يكون قذف سب وإيذاء، فإذا كان معروفًا بالعدالة إلى حين قذف فظاهر نصه هنا أنه لا يشترط الاستبراء، وعن نصه في «الأم»: يشترط، واختلف الأصحاب على طريقين: أشهرهما - أن المسألة على قولين، والمذهب - يشترط، ويحمل نصه في «المختصر» على ما إذا جاء شاهدًا ولم يتم العدد. انظر: «العزيز» (٢١/ ٦٠٦) و «الروضة» (١١/ ٢٤٨).