للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

(١٦٦)

باب ما يجوز أن يُقطَعَ وما لا يجوز

(١٧١٥) قال الشافعي: ما لا يَمْلِكُه أحَدٌ مِنْ النّاسِ يُعْرَفُ صِنْفانِ: أحَدُهما - ما مَضَى، ولا (١) يَمْلِكُه إلّا بما يَسْتَحْدِثُه فيه، والثاني - ما لا تُطْلَبُ المنْفَعَةُ فيه إلّا بشيءٍ يَجْعَلُ فيه غيرَه (٢)، وذلك المعادِنُ الظاهِرَةُ والباطنةُ مِنْ الذهبِ والتِّبْرِ والكُحْلِ والكِبْريتِ والملحِ وغيرِه (٣).

(١٧١٦) وأصْلُ المعادِنِ صِنْفان: ما كان ظاهرًا، كالملحِ في الجبالِ يَنْتابُه الناسُ، فهذا لا يَصْلُحُ لأحدٍ أن يُقْطِعَه بحالٍ، والناسُ فيه شَرَعٌ، وهكذا النهرُ والماءُ الظاهرُ والنباتُ فيما لا يَمْلِكُه أحَدٌ، وقد سَألَ الأبْيَضُ بنُ حمّالٍ النبيَّ -صلى الله عليه وسلم- أن يُقْطِعَه مِلْحَ مَأرِبَ، فأقْطَعَه إيّاه أو أراده، فقيل له: إنه كالماء العِدِّ، فقال: «فلا إذن» (٤)، قال: ومثلُ هذا كُلُّ عَينٍ ظاهرةٍ (٥)


(١) كذا في ب، وفي ظ ز س: «لا»، بلا واو.
(٢) قال إمام الحرمين في «النهاية» (٨/ ٣٠٤): «عَنَى بالأول: المواتَ؛ فإنه غير مملوك قبل الإحياء، وإنما يملكه المحيي بأن يجعل فيه شيئًا، وعنى بالثاني المعدن، غيرَ أنه غَلِط إذ قال: (لا تُطلب المنفعة فيه إلا بشيءٍ يُجعل فيه)، وهذا والأول واحدٌ، والشافعي قال [«الأم» (٣/ ٢٦٥)]: (والثاني: ما تُطلب منفعتُه لا بشيء يجعل فيه)، وهذا صفة المعادن»، وقال الإمام: «قد أتى المزني بألفاظٍ مضطربة في صدر هذا الباب».
(٣) مقصود الباب: المعادن الظاهرة، وسيأتي الكلام على المعادن الباطنة في «باب إقطاع المعادن».
(٤) «الماء العِدُّ»: الماء الدائم الذي لا انقطاع له، مثل: ماء الرَّكَايا والعيون، وجمعه: أَعْداد، والملاحة التي ليست في أرض مملوكة كالماء العِدِّ؛ لأنه ماء يجمد فيصير ملحًا، وللناس أن يأخذوا منه حاجتهم، وليس لأحد أن يتملكه فيمنع الناس عنه. «الزاهر» (ص: ٣٥٩) و «الحلية» (ص: ١٥٢).
(٥) كلمة «ظاهرة» من ز ب س، ولا وجود لها في ظ.