للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

غَسَلَه، ولا أحدٌ مِنْ المسلمين فَعَلَه، ولا يُتَوَضَّأ به؛ لأنَّ على الناسِ تَعَبُّدًا في أنفُسِهم بالطهارةِ مِنْ غيرِ نجاسةٍ، وليس على ثَوْبٍ ولا أرضٍ تَعَبُّدٌ، ولا أنْ يُماسَّه ماءٌ مِنْ غيرِ نجاسةٍ (١).

(٩٠) قال: وإذا وَلَغَ الكلبُ في الإناءِ .. فقد نَجَسَ الماءُ، وعليه أنْ يُهَرِيقَه ويَغْسِلَ منه الإناءَ سبعَ مرّاتٍ، أولاهن بالتُّرابِ؛ كما قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-.

(٩١) قال: فإن كان في بحرٍ لا (٢) يَجِدُ فيه تُرابًا، فغَسَلَه بما يَقومُ مَقامَ التُّرابِ في التنظيفِ، مِنْ أُشْنانٍ، أو نُخالةٍ، أو ما أشبهه .. ففيه قولان: أحدهما - لا يَطْهُر إلا بأن يُماسَّه الترابُ، والآخر - يَطْهُر بما يكون خَلَفًا من ترابٍ وأنْظَفَ منه مما وَصَفْتُ؛ كما نَقولُ في الاستنجاء.


(١) ما ذكر هنا من أن المستعمل ليس بطهور، هو منصوص الشافعي في جميع كتبه القديمة والجديدة، إلا أنه نقل عن أبي ثور، أنه سأل أبا عبدالله عن الوضوء به، فتوقف فيه، وحكى عيسى بن أبان الحنفي في الخلاف أن الشافعي أجاز الوضوء به، ولذلك اختلف الأصحاب في حكاية المذهب على طريقين: أولهما - القطع بالمشهور، وردوا ما خالفه من رواية أبي ثور وعيسى بن أبان، أما أبو ثور .. فلا ندري من أراد بأبي عبدالله، هل هو الشافعي أو مالك أو أحمد؟ ولو أراد الشافعي فتوقُّفه ليس حكمًا بأنه طهور، وأما عيسى بن أبان .. فهو وإن كان ثقة فيحكي ما حكاه أهل الخلاف، ولم يَلقَ الشافعي فيحكيَه سماعًا، ولا هو منصوص فيأخذَه من كتبه، ولعله تأول كلامه في نصرة طهارته ردًّا على أبي يوسف، فحمله على جواز الطهارة به، فلا نأخذ مذهبنا عن المخالفين، وهذه طريقة أبي العباس بن سريج وابن أبي هريرة، ورجحها النووي في «الروضة» و «المنهاج».
والطريقة الثانية - حكاية القولين؛ لأن عيسى ثقة لا يُتَّهَم فيما يحكيه، وهذه طريقة أبي إسحاق وأبي حامد المروزيان، وقطع بها أبو إسحاق الشيرازي في «التنبيه» والفوراني والمتولي وآخرون، وقال النووي في «المجموع»: «إنها الصواب»، ثم إن الجميع اتفقوا على أن المذهب الصحيح أنه ليس بطهور. انظر: «الحاوي» (١/ ٢٩٦) و «النهاية» (١/ ٢٣١) و «العزيز» (١/ ٢٢٣) و «الروضة» (١/ ٧) و «المنهاج» (ص: ٦٧) و «المجموع» (١/ ٢٠٢).
(٢) كذا في ز ب س، وفي ظ: «ولا» بالواو.