للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

قال المزني: قلت أنا (١): هذا أشْبهُ بقولِه؛ لأنَّه جَعَلَ الخَزَفَ في الاستنجاء كالحجارةِ؛ لأنَّه (٢) يُنْقِي إنقاءَها، فكذلك يَلْزَمُه أنْ يَجْعَل الأُشْنانَ كالترابِ؛ لأنَّه يُنْقِي إنقاءَه أو أكثرَ، وكما جَعَلَ ما عَمِلَ عَمَلَ القَرَظِ والشَّبِّ في الإهابِ في معنى القَرَظِ والشَّبِّ، فكذلك الأُشْنانُ في تطهيرِ الإناءِ في معنى الترابِ (٣).

(٩٢) قال الشافعي: ويَغْسِلُ الإناءَ مِنْ النجاسَةِ سِوى ذلك ثلاثًا أحَبُّ إليَّ، فإنْ غَسَلَه واحدةً تأتي عليه طَهُر (٤)، وما مسَّ الكلبُ والخنزيرُ به الماءَ من (٥)


(١) «قلت أنا» من ب.
(٢) كذا في ظ بتذكير الضمير، وفي ز ب س: «لأنها» بالتأنيث، ولعل كلمة «الخَزَف» فيها بالحروف المهملة على أنها «الحِرَف»، يريد حرف الحجر الواحد، و «الخزف»: الطين المعمول آنية قبل أن يطبخ، وهو «الصلصال»، فإذا شوي فهو «الفخار». «المصباح» للفيومي.
(٣) زاد في ب عقب الفقرة: «قال المزني: الشَّثُّ شَجَرَةٌ تكونُ بالحِجازِ»، والظاهر حذفه؛ لِمَا قال الأزهري في «الزاهر» (ص: ١٢٧): «السماع (الشَّبُّ) بالباء، وقد صحَّفَه بعضهم فقال: (الشَّثُّ)، والشَّثُّ: شَجَرٌ مرُّ الطعم، ولا أدري أيدبغ به أم لا»، و «القَرَظُ»: ورق شجر السَّلَم، ينبت بنواحي تهامة، يُدبَغ به الجلود، يقال: (أديم مقروظ)، والذي يَجنِي القَرَظَ يسمى (قارظًا)، والذي يبيعه يسمى (قرّاظًا)، و «الشَّبُّ»: مِنْ الجواهِرِ التي أنبتها الله تعالى في الأرض، يُدبَغ به، يُشبِه الزاجَ.
ثم إن الشافعي صوَّرَ المسألة بحالة انعدام التراب، واختلف الأصحاب في اعتبار هذه الحالة على ثلاثة طرق: أولها - الأخذ بظاهر النص، فلا يجوز استعماله مع وجود التراب، وفي جواز استعماله مع عدم التراب قولان، وهذه طريقة أبي العباس بن سريج وأبي علي بن خيران، وثانيها - إلغاء الاعتبار بحالة انعدام التراب، وتخريج المسألة على قولين سواء وجد التراب أو انعدم، وهذه طريقة أبي إسحاق المروزي وأبي علي بن أبي هريرة، وثالثها - تخريج المسألة على ثلاثة أقوال: أظهرها: أن غير التراب لا يقوم مقامه مطلقًا، وثانيها: يقوم مطلقًا، وهو اختيار المزني، وثالثها: التفصيل، فيقوم عند عدم التراب، ولا يقوم عند وجوده، وهذه طريقة أبي الطيب، وعليه مشى الرافعي والنووي. انظر: «الحاوي» (١/ ٣١١) و «العزيز» (١/ ٣٢٣) و «الروضة» (١/ ٣٢).
(٤) وذلك بإزالة عينه وطعمه، وكذا لونه ورائحته إذا سهل إزالتهما.
(٥) كذا في ز ب س، وفي ظ: «في».