للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

أبدانِهما نجَّسَهُ وإن لم يَكُنْ فيهما (١) قَذَرٌ (٢)، واحْتَجَّ بأنَّ الخنزيرَ أسْوَأ حالًا مِنْ الكلبِ، فقاسَه عليه، وقاسَ ما سِوى ذلك مِنْ النجاساتِ على أمْرِ النبيِّ -صلى الله عليه وسلم- أسماءَ بِنْتَ أبي بَكْرٍ في دَمِ الحيضة يُصِيبُ الثوْبَ أن تَحُتَّه، ثُمّ تَقْرُصَه بالماء وتُصَلِّيَ فيه، ولم يُوَقِّتْ في ذلك سبعًا (٣).

(٩٣) واحْتَجَّ في جوازِ الوضوءِ بفَضْلِ ما سِوى الكلبِ والخنزيرِ بحديثِ رسولِ الله -صلى الله عليه وسلم- أنّه سُئِل: أنَتَوَضّأ بما أفْضَلَتِ الحُمُرُ؟ قال: «نعَم، وبما أفْضَلَت السباعُ كلُّها»، وبحديثِ أبي قتادةَ في الهرَّة أنَّ رسولَ الله -صلى الله عليه وسلم- قال: «إنّها ليستْ بنَجِسٍ»، وبقولِه -عليه السلام-: «إذا سَقَطَ الذُّبابُ في الطعام فامْقُلُوه» (٤)، فدَلَّ على أنَّه ليس في الأحياءِ نجاسةٌ إلا ما ذَكَرْتُ (٥) مِنْ الكلبِ والخنزيرِ.

(٩٤) قال: وغَمْسُ الذُّبابِ في الماءِ ليس بقَتْلِه، والذُّبابُ لا يُؤكَل، فإنْ ماتَ أو خُنْفُساء أو نحوُهما في إناءٍ نَجَّسَه.


(١) كذا في ظ ز ب، وفي س: «في أبدانهما».
(٢) وروى أبو ثور عن الشافعي أنه قال: يغسل الإناء من ولوغ الخنزير، فحَمَلَ ابنُ القاص إطلاقَه الغَسلَ دون ذكر العدد على المرة، وجعله قولًا آخر قديمًا للشافعي، والجمهور تأولوه على موافقة الجديد، وجعلوا المسألة قطعًا، وعلى طريقة ابن القاص مشى الرافعي في «العزيز» (١/ ٣٢٣) والنووي في «الروضة» (١/ ٣٢)، وقال في «المجموع» (٢/ ٦٠٤): «واعلم أن الراجح من حيث الدليل: أنه يكفي غَسلةٌ واحدة بلا تراب، وبه قال أكثر العلماء الذين قالوا بنجاسة الخنزير، وهذا هو المختار؛ لأن الأصل عدم الوجوب حتى يرد الشرع، لاسيما في هذه المسألة المبنية على التعبد». وراجع «الحاوي» (١/ ٣١٦).
(٣) «الحَتّ»: أن يحك بطرف حجر أو عود، و «القَرْص»: أن يدلك بأطراف الأصابع والأظفار دلكًا شديدًا ويصب عليه الماء حتى يذهب أثره وعينه. «الزاهر» (ص: ١٢٨).
(٤) «المَقْل»: أن يُغمَسَ فيه غمسًا، ويقال للرجلين: (هما يتماقلان في الماء): إذا كان كل واحد منهما يريد غمس رأس صاحبه فيه، ويقال للحصاة التي تُطرَح في الماء فيُنظَرُ قَدْرُه: (المَقْلَة). «الزاهر» (ص: ١٢٨) و «الحلية» (ص: ٦٠).
(٥) زاد في ظ: «لك».