للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

(٥٤) قال: فإن تَرَك إمْرارَ يدَيْه على جَسَدِه لم يَضُرَّه، وفي إفاضةِ النبيِّ -صلى الله عليه وسلم- الماءَ على جَسَدِه، دليلٌ على أنَّه إنْ لم يَدْلُكْه أجزأه (١)، ولقولِه: «إذا وَجَدْتَ الماءَ فأمْسِسْه جِلْدَك».

(٥٥) وفي أمْرِه الجنبَ المتَيَمِّمَ إذا وَجَدَ الماءَ: «اغْتَسِل»، ولم يأمُرْه بالوضوءِ .. دليلٌ على أنَّ الوضوءَ ليس بفَرْضٍ.

(٥٦) قال الشافعي: وإنْ تَرَك الوضوءَ للجنابةِ، والمضمضةَ والاسْتِنْشاقَ .. فقد أساء، ويُجْزِئُه، ويَسْتأنِفُ المضمضةَ والاسْتِنْشاقَ، وقد فَرَض اللهُ جلَّ ذِكرُه غَسْلَ الوجهِ مِنْ الحدَثِ؛ كما فَرَض غَسْلَه مع سائرِ البدنِ مِنْ الجَنابةِ، فكيف يُجْزِئُه تَرْكُ المضمضةِ والاسْتِنْشاقِ مِنْ أحدِهما، ولا يُجْزِئه مِنْ الآخر؟!

(٥٧) وكذلك غُسْلُ المرأةِ، إلا أنّها تَحْتاجُ مِنْ غَمْرِ ضَفائرِها (٢) حَتّى يَبْلُغَ الماءُ أصولَ الشّعْرِ إلى أكْثَرَ مما يَحْتاجُ إليه الرجلُ، ورُوِيَ أنَّ أمَّ سَلمَةَ سألت النبيَّ -صلى الله عليه وسلم- فقالت: إنّي امرأةٌ أشُدُّ ضَفْرَ رأسي، أفأنْقُضُه للغُسْلِ مِنْ الجنابَةِ؟ فقال: «لا، إنما يَكفِيكِ أنْ تَحْثِي عليه ثلاثَ حَثَياتٍ مِنْ ماءٍ، ثُمّ تُفِيضِي عليكِ الماءَ». قال: وأحِبُّ أن يُغَلْغَلَ الماءُ في أصولِ الشّعْرِ (٣)،


(١) كذا في ظ س، وفي ب: «دليل إن لم يدلكه أجزأه»، وفي ز: «دليل أنه لم يدلكه أجزأه».
(٢) «الضفائر»: ذوائبها المضفورة إذا أُدخِلَ بعضها في بعض نسجًا، واحدتها «ضفيرة»، و «الضَّفْر»: الفَتْل، ويقال: «الضمائر» بالميم، واحدتها «ضميرة»، و «الغدائر»، واحدتها «غديرة»، فإذا لُوِيتْ فهي «عقائص»، واحدتها «عَقِيصة». «الزاهر» (ص: ١١٨) و «الحلية» (ص: ٥٨).
(٣) «غلغلة الماء»: إدخاله في خلالها، وإيصاله إلى بشرتها، وأصله من (غَلَّلتُ الشيءَ في جوف الشيءِ): إذا أدخلتَه فيه، و «غَلَلتُ» و «غَلَّلتُ» مخفف ومثقل، ومنه يقال: (أوغَلَ الرجل وسط القوم): إذا دخل فيهم، ومنه «الغَلَل»: الماء الذي يجري بين الشجر. «الزاهر» (ص: ١١٩) و «الحلية» (ص: ٥٨).