للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

أو نام عنها .. فليُصَلِّها إذا ذَكَرَها»، وبأنَّه -عليه السلام- رأى قَيْسًا يُصَلِّي بعد الصُّبْحِ، فقال: «ما هاتان الرَّكْعَتان؟»، فقال: ركعتا الفجر. فلَمْ يُنْكِرْه، وبأنَّه صَلَّى ركعتين بعد العصر، فسَألَتْه عنهما أمُّ سَلمَةَ، فقال: «هما ركعتان كنت أصلِّيهما، فشَغَلَني عنهما الوفدُ»، وثَبَت عنه -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: «أحَبُّ الأعمالِ إلى الله أدْوَمُها وإن قَلَّ»، وأحِبُّ فضْلَ الدَّوامِ»] (١).

قال المزني: يُقالُ لهم: فإذا سَوَّيْتُم في القضاءِ بَيْن التطوعِ الذي ليس بأوْكَدَ، وبَيْن الفرضِ لدَوامِ التطوعِ الذي ليس بأوْكَدَ .. فلِمَ أبَيْتُم قضاءَ الوترِ الذي هو أوْكَدُ، ثُمَّ ركْعَتَي الفجر اللَّتين تَلِيَان في التأكيد اللَّتَيْن هما أوْكَدُ، فتَقْضُون الذي ليسَ بأوْكَدَ، ولا تَقْضُون الذي هو أوْكَدُ! وهذا مِنْ القولِ غيْرُ (٢) مُشْكِلٍ، وبالله التوفيق، ومِن احتِجاجِكم قولُ رسولِ الله -صلى الله عليه وسلم- في قضاءِ التطوعِ: «مَنْ نَسِيَ صلاةً أو نام عنها .. فلْيُصَلِّها إذا ذَكَرَها»، فقد خالَفْتُم ما احْتَجَجْتُم به في هذا المعنى، فإنْ قالوا: فيَكون القضاءُ على القربِ، لا على البعدِ .. قيل لهم: لو كان كذلك لكان يَنْبَغي على معنى ما قُلْتُم أن لا تُقْضى ركعتا الفجر نصفَ النهار؛ لبُعْدِ قضائهما مِنْ طلوعِ الفجر، وأنتم تقولون: تُقْضَى ما لم يُصَلَّ الظهرُ، وهذا مُتَباعِدٌ، وكان يَنْبَغِي أن تقولوا: إنْ صَلَّى الصبحَ عند الفجر أنّ له أن يَقْضِي الوترَ؛ لأن وَقْتَها إلى الفجر أقربُ؛ لقول رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «صلاةُ الليلِ مَثْنَى مَثْنَى، فإذا خَشِيَ أحدُكم الصبحَ فلْيُوتِر»، وهذا قريبٌ مِنْ الوقتِ، وأنتم لا تقولونه، وفي ذلك إبطالُ ما اعْتَلَلْتُم به، والله المستعان.


(١) ما بين المعقوفتين لا وجود له في ظ، وشطب عليه في س بدءًا من قوله: «وقالوا: فأما الفريضة … »، وثبت في كل من ز ب، ولعل ما في س هو الأولى، والله أعلم.
(٢) كلمة «غير» في جميع النسخ، ولعله في ظ مقحم على الأصل.