للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

إعجاب أهل الحديث والرأي معًا، فكان من أصحابه من المحدِّثين: الإمام أحمد بن حنبل والزعفراني، ومن أهل الرأي: أبو ثور والحسين الكرابيسي، فعرض عليهم كتابه «الحجة» بقراءة الزعفراني عليه، وهكذا نشأ ما عرف بعد بالمذهب القديم وهكذا تحدَّدت مصادره.

لا شكَّ أن المذهب في أول أمره لم يكن قديمًا، ولكن جرت حوادث وصراعات سياسية وعقدية في العراق ربما كانت هي السبب في اختيار الإمام السفر والابتعاد عن بغداد، إلى أن استقرَّ به المقام في مصر، حيث عقد في مسجد عمرو بن العاص حلقته، واجتمع فيها على الأخذ عنه ثلة من أصحابه المصريين: البُوَيْطي والمُزَني والربيع المرادي وحرملة والربيع الجيزي وغيرهم، فكتب العديد من الكتب الجديدة التي لا تعرف له من قبل، وأعاد قراءة أغلب كتبه القديمة بزيادة بحث وتمحيص، وتخلَّل ذلك الاطلاع على مدارك كانت خفيت عليه من ذي قبل، وكذا زيادة قوة في الشخصية الاجتهادية، وتغيّر رأي في بعض القضايا الأصولية، وكل ذلك حمله إلى تغيير الكثير من آرائه السابقة في الحجاز والعراق، وعرف عنه رأي جديد هو الناسخ الذي لا يصح أن يُنسَب إليه غيره مما رجع عنه، ولذلك حظر لأصحابه العراقيين أن يرووا عنه الكتاب القديم لكثرة ما رجع عنه فيه من المسائل، قال الآبري (١) في: «قرأت على أبي إسماعيل محمد بن إسماعيل الترمذي قال: سمعت البُوَيْطي يقول: سمعت الشافعي يقول: لا أجعل في حِلٍّ مَنْ روى عني الكتاب البغدادي» (٢).


(١) انظر «مناقب الشافعي» للآبري (رقم: ٥٠).
(٢) ونقله الفخر الرازي في «مناقب الشافعي» (ص: ١٨٧) من طريق البَيْهَقي عن زكريا الساجي في كتابه عن البُوَيْطي.

<<  <  ج: ص:  >  >>