للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

اتصال أسانيد الشافعيين عن طريق هؤلاء الأئمة من الخراسانيين، ولعل سبب ذلك سلطان فقه ابن راهويه على أهل خراسان، فهو الإمام الفرد الذي افتخر به قطر الخراسانيين على غرار الإمام أحمد في العراق، والشافعي في مصر، يضاف إليه ما كان عليه ابن راهويه وغيره من تلاميذ أصحاب الشافعي الخراسانيين من الاجتهاد المطلق، فلم يعنوا بتحرير المذهب عنايتهم باستنباط الأحكام الشرعية على حسب ما بلغه علمهم وروايتهم.

ولهذا لمَّا سطع نجم الإمام الزاهد عبدالله بن أحمد بن عبدالله القفال الصغير المروزي (ت ٤١٧ هـ) توجَّه إلى العراق وتخرَّج على أبي زيد المروزي تلميذ أبي إسحاق، ثم عاد إلى خراسان، وعلى يده ظهرت الطريقة الخراسانية.

قال أبو المظفَّر السمعاني في «أماليه»: «طريقته المهدية في مذهب الشافعي التي حملها عنه فقهاء أصحابه من أهل البلاد أمتن طريقة، وأوضحها تهذيبًا، وأكثرها تحقيقًا، رحل إليه من البلاد للتفقُّه عليه، فظهرت بركته على مختلفيه، حتى تخرَّج به جماعة كثيرة صاروا أئمة في البلاد، نشروا علمه، ودرسوا قوله» (١).

ومن عجائب توفيق الله للقفال أنه ابتدأ التعلُّم وهو ابن ثلاثين سنة، وعنه أنه قال: «ابتدأت التعلم وأنا لا أفرِّق بين (اخْتَصَرْتُ) و (اخْتَصَرْتَ)»، قال ابن الصلاح: «أظن أنه أراد بهذا الكلمة الأولى من (مختصَر المُزَني)، وهو قوله: (اختصرت هذا من علم الشافعي)، وأراد أنه لم يكن يدري من اللسان العربي ما يفرِّق به بين ضَمِّ تاء الضمير وفتحها» (٢).


(١) نقله عنه ابن السُّبْكي في «الطبقات» (٥/ ٥٣).
(٢) نقله عنه ابن السُّبْكي في «الطبقات» (٥/ ٥٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>